أخرَجَهُ ابنُ حِبَّانَ في "المجروحين"(١/ ٣٠١) مُعلَّقًا، ووَصَله الحاكمُ في "المُستدرَك"(٤/ ١٢٩)، والطَّبَرانيُّ في "الأوسط"(٦٥١٨)، والفَسَوِيُّ في "تاريخه"(٢/ ٥٢٧)، والدُّولَابِيُّ في "الكُنى"(١/ ١١٧)، والأصبهانيُّ في "التَّرغيب"(٣٩١، ٢٠٥٨)، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق"(ج ٦/ ق ٢٢٨ - ٢٢٩) من طريق إدريسَ بنِ يحيى الخَوْلَانِيِّ، حدَّثَني رَجَاءُ بنُ أبي عطاءٍ المَعَافِرِيُّ، عن واهبِ بنِ عبد اللهِ الكَعبِيِّ، عن عبد الله بن عَمرٍو مرفُوعًا.
قال الطَّبَرانيُّ:"لا يُروَى هذا الحديثُ عن عبد الله بن عَمرٍو إلَّا بهذا الإسناد. تفرَّد به إدريسُ بنُ يَحيَى".
* قلتُ: وهو صَدُوقٌ مُتَمَاسِكٌ، سُئل عنه أبو زُرْعة الرَّازِيُّ، فقال:"رجلٌ صالحٌ، من أفاضل المُسلِمين"، وقال ابنُ أبي حاتم في "الجرح والتَّعديل"(١/ ١/ ٢٦٥): "صَدوقٌ"، وذكره ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"(٨/ ١٣٣)، وقال:"مُستَقِيمُ الحديث، إذا كان دُوْنَهُ ثقاتٌ وفوقه ثقاتٌ"،ص:179.
وهذا القيدُ الذي ذَكَره ابنُ حِبَّانَ يدُلُّنا على أن الآفة في أحاديثه إِنَّما هي مِمَّن فوقَه أو دُونه.
وهذا الحديثُ مِثالٌ لذلك؛ فإنَ شيخ إِدريس في هذَا الحديث هو أبو الأَشيَم رجاءُ بن أبي عطاءٍ، فتَرجمَهُ الذَّهَبيُّ في "الميزان"(٢/ ٤٦)، ورَوَى له هذا الحديث بسَنَدِه، وقال:"صُوَيلِحٌ. قال الحاكمُ: مِصريٌّ، صاحبُ موضُوعاتٍ. وقال ابنُ حِبَّانَ: يَروِي الموضُوعاتِ … [وقال بعد أَن رَوَى الحديثَ:] هذا حديثٌ غريبٌ، مُنكَرٌ، تفرَّد به إِدريسُ، أحدُ الزُّهَّاد" انتهى كلامُه.
وحُكمُه على رجاءٍ هذا بأنه "صُوَيلِحٌ" بعد حكايته لكلام ابن حِبَّانَ والحاكمِ في غاية العَجَبِ، فأين الصَّلاحُ، ولَو على إغماضٍ، في رَجُلٍ يَروِي الموضُوعات؟!
وقد تعجَّب من صنيعه أيضًا الحافظُ، فقال في "لسان الميزان"(رقم ٣٤٢٣): "وهذا الحديثُ أورَدَهُ ابنُ حِبَّانَ، وقال: إنَّه موضُوعٌ. وحكاه عنه صاحبُ "الحافل". وأخرَجَهُ الحاكمُ في "المستدرك" عن الأصمِّ، عن إِبراهيمَ بنِ مُنقِذٍ، عن إدريسَ، وقال: "صحيح الإسناد"، فما أَدرِي ما وَجهُ الجَمعِ بين كلامَيه! كما لا أَدرِي كيف الجَمعُ بين قولِ الذَّهَبيِّ: "صُوَيلِحٌ"، وسُكوتِه على تصحيح الحاكم في "تلخيص المُستدرَك"، مع حكايته عن الحافِظَين أنَّهُما شَهِدَا عليه برواية الموضُوعاتِ؟! " انتهى كلامُه.
وقد صحَّح الحاكمُ إسنادَ هذا الحديث. والحاكِمُ مُتساهِلٌ في،ص:180.
التَّصحيح، مِمَّا حَدَا ببعض المُتأخِّرين أن يُسمِّي كتابَه "المُستَترَك" بدل "المُستَدرَك"!
وقصَّر المُنذِرِيُّ والدِّمياطِيُّ في تخريجِهِما لهذا الحديث ..
فقال الأوَّلُ في "التَّرغيب"(٢/ ٦٥): "رواه الطَّبَرانِيُّ في "الكبير"، وأبو الشَّيخ ابنُ حَيَّان في "الثَّواب"، والحاكمُ، والبَيهقيُّ. وقال الحاكمُ: صحيح الإسناد".
وقال الثَّاني في "المَتجر الرَّابح"(٦٧٤): "رواه الطَّبَرانِيُّ، وأبو الشَّيخ، والحاكمُ، وقال: صحيح الإسناد".
فنقلا تَصحِيحَ الحاكِم وسَكَتَا عليه، فدلَّ على أنهما أَقَرَّاهُ.
وقد قَدَّمنا لك عِلَّةَ هذا الإسناد. فاللهُ المُستَعان.