إِنَّ الحَزِينَ فِي ظِلِّ العَرشِ يَومَ القِيَامَةِ".

إِنَّ الحَزِينَ فِي ظِلِّ العَرشِ يَومَ القِيَامَةِ".

اللفظ / العبارة' إِنَّ الحَزِينَ فِي ظِلِّ العَرشِ يَومَ القِيَامَةِ".
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي منكر
القسم المناهي العملية
Content

- سُئلتُ عن حديث: "إِنَّ الحَزِينَ فِي ظِلِّ العَرشِ يَومَ القِيَامَةِ".

* قلتُ: هذا حديثٌ مُنكَرٌ.

أخرَجَهُ ابنُ شَاهين في "التَّرغيب" (٤٧٠/ ١) من طريق إسحاق بن بُهْلُولَ، ثنا مُوسَى بنُ داوُد، عن يَعقُوبَ بنِ إبراهيم، عن يحيَى بنِ سعيدٍ، عن رَجُلٍ، عن أبي مُسلِمٍ الخَوْلَانِيِّ، عن أبي ذَرٍّ أن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ، فاحفَظهَا، ولعلَّ اللهَ أن يَنفَعَك بها: زُرِ القُبُورَ، وتَذَكَّر بها الآخرةَ"، قلتُ: "يا رسُول الله! بالليل؟ "، قال: "بِالنَّهار أحيانًا، ولا تُكثِر. واغسل المَوتَى؛ فإن مُعالجَة جَسَدٍ خاويًا عِظَةٌ بَلِيغَةٌ. وصلِّ على الجَنائِز؛ لعلَّ ذلك أن يُحزِنَك؛ فإنَّ الحزينَ في ظلِّ الله، ويُعوَّضُ كلَّ خيرٍ. وجالِسِ المساكينَ، وسَلِّم عليهم إذا لقِيتَهم. وكُلْ مع صاحب البلاء تَواضُعًا لربِّك، وإيمانًا به، والبَس الخَشِنَ الضَّيِّقَ من الثِّياب؛ لعلَّ العُجب والكِبرَ أن لا يَكُون لَهُما فيك مَسَاغًا. وتَزَيَّن أحيانًا لعبادة رَبِّك؛ فَإِنَّ المُؤمن كذلك يَفعَلُ تعَفُّفًا وتَكَرُّمًا. ولا تُعذِّب شيئًا مِمَّا خَلَق اللهُ بالنَّار".

وهذا مُنكَرٌ جدًّا، لا يَبعُد أن يكون موضُوعًا.

وقد اختُلِف في سنَدِه ..ص:188.

فرواه عَبَّاسُ بنُ محُمَّدٍ الدُّورِيُّ، وأحمدُ بنُ حازمٍ الغِفَارِيُّ، قالا: نا مُوسى بنُ داوُد، نا يعقُوبُ بنُ إبراهيم، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن أبي مُسلِمٍ الخَوْلَانِيِّ، عن عُبيد بن عُمَيرٍ، عن أبي ذَرٍّ، قال: قال لي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "زُرِ القُبُور … "، فذَكَرَه حتَّى قولِه: " … يَتَعَوَّضُ لِكُلِّ خَيرٍ".

أخرَجَهُ الحاكِمُ (١/ ٣٧٧، و ٤/ ٣٣٠)، وعنه البَيهقِيُّ في "الشُّعَب" (رقم ٩٢٩١).

قال الحاكمُ: "هذا حديثٌ رُواتُه عن آخِرِهم ثقاتٌ"، وقال في الموضع الثاني: "صحيحُ الإسناد"، واغترَّ به العِراقيُّ، فقال في "تخريج الإحياء" (٤/ ٤٩٠)"إسنادُه جيِّدٌ".

بينما قال البيهقِيُّ: "يعقُوبُ بنُ إبراهيم هذا أَظُنُّه المدنيَّ المجهولَ. وهذا متنٌ مُنكَرٌ".

وقال الذَّهبيُّ في "تلخيص المُستدرَك""لكِنَّه مُنكَرٌ. ويعقُوبُ هو القاضي أبو يُوسُفَ، حَسَنُ الحديث. ويحيَى لَم يُدرِك أبا مُسلِمٍ فهو مُنقَطِعٌ، أو أنَّ أبا مُسلِمٍ رجلٌ مجَهولٌ" انتهى.

* قلتُ: هكذا خالَفَ الذَّهَبِيُّ البَيهَقِيَّ في الحُكم على يَعقُوبَ بنِ إبراهيم، فهو عند الذَّهَبِيِّ: القاضي صاحبَ أبي حَنِيفَةَ، وعند البَيهَقِيِّ: مَدَنِيٌّ مَجهُولٌ.

وقال ابنُ المُلَقِّنِ في "البدر المُنِير" (٥/ ٣٤٤)"يعقُوبُ بنُ إبراهيم واهٍ".

ونَقَلَ المُناوِيُّ في "فيض القَدِير" (٤/ ٦٢) عن الذَّهَبِيِّ أنَّهُ قال. "يعقوبُ،ص:189.

واهٍ"، ولا أَدرِي مِن أيِّ كتابٍ نَقَلَ المُناوِيُّ هذا عن الذَّهَبِيِّ؟ والمُناوِيُّ كثيرُ الأوهام.

ورَجَّحَ الحافظُ في "اللِّسان(٨/ ٥٢٣)، بعدَمَا أَنكَرَ الحديثَ، أنَّهُ: يَعقُوبُ بنُ إبراهيمَ الزُّهرِيُّ المَدَنِيُّ، الذي تَرجَمَ له ابنُ عَدِيِّ في "الكامل(٧/ ٢٦٠٤)، وقال عنه: "ليس بِالمَعرُوفِ"، وهذا يَلتَقِي مع كلام البَيهَقِيِّ. وهو الأَشبَهُ.

واللهُ أعلَمُ.

كتاب إسعاف اللبيث،ج:2،ص:190.

Loading...