• قلتُ: هذا حديثٌ باطلٌ موضُوعٌ، قَبَّحَ اللهُ وَاضِعَه.
أخرَجَهُ ابنُ حِبَّانَ في "المجروحين"(٢/ ١٢٢)، ومن طريقه ابنُ الجَوزيِّ في "الواهيات"(١/ ٢٢٧ - ٢٢٨) من طريق عيسى بن عبد الله، قال: حدَّثَني أبي، عن أبيه، عن جَدِّه عليِّ بن أبي طالبٍ، قال: جِئتُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فَوَجَدتُه في مَلَإٍ مِن قُريشٍ، فنظرَ إليَّ وقال:"يا عَلِيُّ! إِنَّمَا مَثَلُك في هذه الأُمَّة، كَمَثَل عِيسى ابن مَريَم؛ أَحَبَّه قومٌ فأَفرَطُوا فيه، وأَبغَضَهُ قومٌ فأَفرَطُوا فيه"، - قال: - فضَحِكَ الملأُ الذين عِندَه، وقالُوا:"انظُرُوا! كيف شبَّه ابنَ عمِّه بعيسى"، - قال: - ونزل القُرآنُ:{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}[الزخرف: ٥٧].
وهذا حديثٌ كَذِبٌ؛ وآفتُهُ عِيسَى بنُ عبد الله هذا، قال ابنُ حِبَّانَ:"يَروِي عن أبيه، عن آبائِه أشياءَ مَوضُوعةً. لا يَحِلُّ الاحتِجاجُ به. كأنَّه كان يَهِمُ ويُخطِئ، حتَّى كان يَجِيءُ بالأشياء المَوضُوعة عن أسلافه، فبَطَلَ الاحتجاجُ بما يَروِيه؛ لما وَصَفتُ … وهذه النُّسخة أكثَرُها معمولةٌ"، يعني: مكذوبةً.ص:381.
وله طريقٌ آخرُ، دُون الآية.
أخرَجَهُ أحمدُ في "فضائل الصَّحابة"(١٠٢٥ - ١٢٢١)، وابنُه عبدُ الله في "زوائد الفضائل"(١٠٨٧)، وفي "زوائد المُسنَد"(١/ ١٦٠)، وفي "السُّنَّة"(١٢٦٣)، والنَّسائيُّ في "خصائص عليٍّ"(١٠٠)، والبُخاريُّ في "التَّاريخ الكبير"(٢/ ١/ ٢٨١ - ٢٨٢)، والبَزَّارُ (٣/ ٢٠٢)، وأبو يَعلَى في "المُسنَد"(١/ ٤٠٦، ٤٠٧)، وابنُ أبي عاصمٍ في "السُّنَّة"(١٠٠٤)، والبلَاذُرِيُّ في "أنساب الأشراف"(٢/ ١٢٠)، وابنُ الأعرابيِّ في "مُعجَمه"(ج ٢/ ق ١٥٢/ ١)، والحاكمُ (٣/ ١٢٣)، وابنُ الجوزيِّ في "الواهيات"(١/ ٢٢٧)، وابنُ المغَازِلِيِّ في "مَناقِب عليٍّ"(١٠٤) من طريق الحَكَم بن عبد المَلِك، عن الحارث بن حَصِيرَة، عن أبي صادقٍ، عن رَبِيعَة بن نَاجِذٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ، أن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"يا عليُّ! فيك مَثلٌ مِن مثل عِيسَى؛ أبغَضَتهُ اليهودُ حتَّى بَهَتُوا أُمَّهُ، وأَحَبَّتهُ النَّصارَى حتَّى أَنزَلُوه المَنزَلَ الذي ليس به".
قال الحاكمُ:"صحيحُ الإسناد"، فتعقَّبه الذَّهَبيُّ بقوله:"قُلتُ: الحَكَمُ وهَّاهُ ابنُ مَعِينٍ".
• قلتُ: لم يَتَفرَّد به الحَكَم ..
فتابعه مُحمَّدُ بنُ كَثيرٍ المُلَائِيُّ، قال: ثنا الحارثُ بنُ حَصِيرة بهذا الإسناد.
أخرَجَهُ البَزَّارُ (٣/ ٢٠٢)، وقال:"لا نَعلَمُه عن علي مرفُوعًا إلَّا بهذا الإسناد. ومُحمَّدُ بنُ كَثيرٍ هذا مُنكَرُ الحديث".ص:382.
وهناك علَّةٌ أخرى، وهي رَبِيعَةُ بنُ نَاجِذٍ، لا يَكَادُ يُعرَف، كما قال الذَّهَبيُّ في "الميزان"، ولم يَعتَبِر الذَّهَبيُّ توثيقَ ابن حِبَّانَ، والعِجليَّ؛ لتَسَاهُلِهِمَا، لا سِيَّما في التَّابِعين.