أخرَجَهُ الطَّبَرانيُّ في "جُزءٍ من حديثِه"(ق ١٩٦/ ٢ - انتقاء ابن مَردَوَيه)، وعنه أبو نُعيمٍ في "الحِلية"(٨/ ٢٨٦)، وابنُ الجَوزِيِّ في "الموضُوعات"(١/ ٢٦٦) قال: حدَّثَنا مُوسى بنُ مُحمَّد بن كثيرٍ السِّرِّينيُّ (١) أبو هارُون، ثنا عبدُ المَلِك بنُ إبراهيم الجُدِّيُّ، ثنا عبدُ الله بنُ عبد العزيز العُمَرِيُّ، عن أبي طوالَةَ، عن أنسٍ فذَكَرَه.
قال أبو نُعيمٍ:"غريبٌ من حديث أبي طوالَةَ. تفرَّدَ به عن العُمَرِيِّ".
• قلتُ: أمَّا العُمَرِيُّ فوثَّقَه النَّسائيُّ وابن حِبَّان. وقال ابن مَعِينٍ:"صالحٌ. ليس به بأسٌ". قال ابن حِبَّان:"ولعلَّ كلَّ شيءٍ حدَّثَ في الدُّنيا لا يكُون إلَّا أربعةَ أحاديثَ".
وأبُو طوالَةَ هو عبدُ الله بن عبد الرَّحمن بن عَمْرٍو. من ثقات أهل المَدِينَة.
وعبدُ الملك بنُ إبراهيم الجُدِّيُّ مِن رجال البُخارِيِّ. وثَّقَه ابنُ حِبَّان
(١) انظر "تبصير المنتبه" (٢/ ٧٦٢).ص:436.
والدَّارقُطنِيُّ، وقال أبو زُرعَة:"لا بأس به".
قال السِّيُوطِيُّ في "اللَّآلئ المصنُوعَة"(١/ ٢٢٤): "ولم أَرَ لعبدِ المَلِك ذِكرًا في الميزان، ولا اللِّسان"، فقال الزَّبِيدِيُّ في "إتحاف السَّادة المُتَّقين"(١/ ٣٧٠): "وهذا غريبٌ من الحافظ السِّيُوطِيِّ. عبدُ المَلِك الجُدِّيُّ ثقةٌ، من رجال البُخارِيِّ، وأبي داوُد، والتِّرمِذِيِّ، والنَّسائِيِّ" ا. هـ.
• قلتُ: وهذا الاستغرابُ من الزَّبِيدِيِّ إنَّما بناه على فهمه أن السِّيُوطِيَّ لم يَعرِف عبدَ المَلِك. وليس مُرادُ السِّيُوطِيِّ ما فَهِمَه عنه الزَّبِيدِيُّ من أنَّه لا يَعرِفُه، بل مُرادُ السِّيُوطِيِّ أن عبدَ المَلِك ثقةٌ، ليس فيه قَدحٌ؛ فلو كان فيه لكان مِن رجال "المِيزَان" و"اللِّسَان"، وهُما يَذكُران الرَّجُلَ لأَدنَى مَغمَزٍ، حتى ولو لم يَكُن قادحًا. والله أعلم.
بقي أن أقول: إنَّ عبدَ المَلِك بنَ إبراهيمَ وإن كان ثِقَةً، لكن قال السَّاجِيُّ:"رَوَى عن شُعبَة حديثًا لم يُتابَع عليه"، فهذا مِن شَرط "المِيزَان" و"اللِّسان". والله أعلم.
يَبقَى شيخُ الطَّبَرَانِيِّ، وهو مُوسَى بنُ مُحَمَّدٍ، فقد قال الذَّهَبِيُّ عنه:"عن عبد الملك الجُدِّيِّ، وعنه الطَّبرانِيُّ، بخَبرٍ مُنكَرٍ في عذاب فَسَقَة القُرَّاء" ا. هـ.
وقال المُنذِرِيُّ في "التَّرغيب"(٢١٠): "غريبٌ".
وقد رواه جابرُ بنُ مَرزُوقٍ، عن عبد الله العُمَرِيِّ، عن أبي طوالَةَ، عن أنَسٍ به.
أخرَجَهُ ابنُ حِبَّان في "المجرُوحين"(١/ ٢١٥) مُعلَّقًا. ووَصَلَه،ص:437.
الجُوْرْقَانِيُّ في "الأباطيل"(١/ ٨٨) من طريق قُتيبَة بن سعيدٍ، قال: حدَّثَنا جابرُ بنُ مرزُوقٍ به.
قال ابنُ حِبَّان:"جابرُ بنُ مرزُوقٍ شيخُ، من أهل جُدَّةَ، يأتي بما لا يُشبِهُ حديثَ الثِّقات عن الأَثبَات. لا يجُوزُ الاحتجاجُ به. . . - قال: - وهذا خبرٌ باطلٌ. ما قالَهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أنَسٌ رواه. وأبو طوالَةَ اسمُهُ عبدُ الله بنُ عبد الرَّحمن بن عَمْرِو بن حزمٍ الأَنصارِيُّ، من ثقات أهل المدينة. ليس هذا من حدِيثِه. فكأنَّ القلبَ إلى أنَّه معمُولٌ أَميَلُ" ا. هـ، ومَعمُولٌ يعني: مكذُوبٌ.
وقال الجُوْرْقَانِيُّ:"هذا حديثٌ باطلٌ"، ونَقَل عبارَةَ ابن حِبَّان السَّابقة، قال:"وجابرُ بنُ مرزُوقٍ الجُدِّيُّ هذا، قال أبو حاتِمٍ الرَّازِيُّ: مجهُولٌ".
وقال ابنُ الجَوزِيِّ:"هو حديثٌ لا يصِحُّ عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّمَا وَضَعَه من يَقصِدُ وَهَنَ العُلَماء. وإنَّما يُبدأ في العِقَاب بالأَعظَم جُرمًا، وجُرمُ الكُفرِ أعظَمُ من جُرمِ الفِسقِ. . . وجابرُ بنُ مرزُوقٍ ليس بشيءٍ، ولعلَّ عبدَ المَلِك الجُدِّيَّ أخذَهُ مِنهُ" ا. هـ.
• قلتُ: وفي هذا اتِّهامٌ لعبدِ المَلِك بالتَّدليس، ولم أَرَ مَن رماه بذلك. والله أعلَمُ.
أمَّا قولُ الزَّبِيدِيِّ في "الإتحاف"(١/ ٣٧٠): "فالصَّوابُ الحُكمُ على حديث الطَّبرانِيِّ بعدم البُطلَان؛ لأنَّ رجالَهُ ثِقاتٌ، غيرَ شيخ الطَّبَرانِيِّ مُوسَى بن مُحمَّد بن كثيرٍ. . . قال: وله شاهدٌ صحيحٌ، رواه التِّرمِذِيُّ،ص:438.
وحسَّنَه، وابنُ خُزَيمَة، وابنُ حِبَّان، عن أبي هُريرَة. قلتُ: ومُسلمٌ أيضًا نحوه، وأشار إليه الحافظُ المُنذِرِيُّ" ا. هـ.