أخرَجَهُ الطَّبَرانيُّ في "الكبير"(ج ١/ رقم ٦١٧)، وعنه أبو نعيمٍ في "معرِفة الصَّحابة"(٩٩٦) قال: حدَّثَنا مُحمَّدُ بنُ خالدٍ الرَّاسِبِيُّ، ثنا الحَسَنُ بنُ جعفرٍ الكَرْمَانِيُّ، ثنا يحيى بنُ أبي بُكَيرٍ، ثنا عَمرُو بنُ شِمْرٍ، عن جابرٍ، عن أبي الزُّبَير، عن سعيد بن أوسٍ الأنصاريِّ، عن أبيه، قال: قال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا كان يومُ الفِطر، وقَفَت الملائكةُ على أبواب الطُّرُق، فنَادَوْا: "اُغدُوا، يا مَعْشر المُسلِمين! إِلي ربٍّ كريمٍ، يَمُنُّ بالخيرِ، ثُمَّ يُثِيبُ عليه الجزيلَ، لقد أُمِرتُم بقيام اللَّيل، فقُمتُم، وأُمِرتُم بصيام النَّهَار، فصُمتُم، وأَطَعتُم ربَّكم، فَاقبِضُوا جوائزكم"، فإذا صَلَّوا، نادي مُنَادٍ: "أَلا إنَّ ربَّكُم قد غَفَرَ لكم، فَارجِعُوا راشدين إلى رِحالكم فهو يومُ الجائزة"، ويُسَمَّى ذلك اليومُ في السَّماء يومَ الجائزة".
وأَعَلَّهُ الهَيثَمِيُّ (٢/ ٢٠١) بجابرٍ الجُعفِيِّ، وتَرَكَ التَّنبيهَ على حال عمرِو بن شِمْرٍ، وهو أَحَدُ التَّلفَى، فقد ترَكَهُ النَّسائِيُّ والدَّارَقُطنِيُّ وغيرُهما. وقال البُخارِيُّ:"مُنكَرُ الحديث". وكَذَّبَهُ الجُوْزْجَانيُّ.ص:33.
وقال ابنُ مَعِينٍ:"ليس بشيءٍ". ورماه السُّلَيمَانِيُّ بوضع الحديث للرَّوَافِض. وقال ابنُ حِبان في "المجروحين"(٢/ ٧٥ - ٧٦): "كان رَافِضِيًّا، يَشتُمُ أصحابَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان مِمَّن يَروِي الموضوعاتِ عن الثِّقات في فضائل أهلِ البيت وغيرِهم. لا يَحِلُّ كتابةُ حديثه إلَّا على جِهَةِ التَّعَجُّب".
أَضِف إلى ذلك عَنعَنَةَ أبي الزُّبير.
ولكن له طريقٌ آخرُ إلى سعيد بن أوس.
أخرَجَهُ الطَّبَرانِيُّ في "الكبير"(٦١٨)، والحسَنُ بنُ سفيان في "مُسنَده" - كما في "الإصابة"(١/ ١٦١) -، ومِن طريقه أبو نُعيمٍ في "المعرفة"(٩٩٤)، والشَّجَرِيُّ في "الأمالي"(٢/ ٤٧) من طُرُقٍ عن سَلْمِ بن سالمٍ، ثنا سعيدُ بنُ عبد الجبَّار، عن تَوبَة - أو: أبي تَوبَة، شَكَّ سلْمٌ -، عن سعيد بن أوسٍ الأنصاريِّ، عن أبيه مرفُوعًا مثله.
وهذا سَنَدٌ ضعيفٌ جدًّا، وسَلْمُ بنُ سالمٍ كان ابنُ المُبارَك شديدَ الحَملِ عليه، وكان يقولُ:"اتَّقِ حيَّاتِ سلْمٍ؛ لا تلسعك"! وقد سُئِل ابن المُبارَك عن الحديث في أكل العدس، وأنَّهُ قدِّس على لسان سبعين نبيًّا!! فقال:"لا" ولا على لسان نبيٍّ واحدٍ؛ إِنَّهُ لمُؤذٍ مُنفِخٍ. مَن يُحدِّثُكم؟ "، قالوا: "سَلْمُ بنُ سالم"، قال: "عمَّن؟ "، قالوا: "عنك"! قال: "وعَنِّي أيضًا "!! وقال أحمدُ: "ليس بذاك". وضعَّفه ابنُ مَعِينٍ. وقال أبو زُرعة: "لا يُكتَب حديثُه"، ثُمَّ أومأ بيده إلى فيه، قال ابنُ أبي حاتمٍ: "يعنى: لا يَصْدُقُ".ص:34.
وسعيدُ بنُ عبد الجبار أظُنُّه أبا عُثَيمٍ، الذي يَروِي عن الحِمْصِيِّين، مِثلِ حَرِيزِ بن عُثمانَ، وصفوانَ بن عَمرٍو، فإن يكُنهُ فقد ترجَمَهُ ابن أبي حاتمٍ في "الجرح والتَّعديل"(٢/ ١/ ٤٣ - ٤٤)، ونَقَلَ عن قُتيبةَ بن سعيدٍ، قال:"كان جَريرُ بنُ عبد الحَمِيد يُكَذِّبُه". وأضجَعَ ابنُ مَعِينٍ القولَ فيه.
وقال أبو حاتمٍ:"ليس بقويٍّ، مُضطرِبُ الحديث".
وتَوْبَة، أو أبو تَوْبةَ، لا أعرفه.
وسعيدُ بنُ أوسٍ مجهولٌ.
ورواه عبدُ الرَّحمن بنُ قيسٍ الحضرمِيُّ، عن سعيد بن عبد الجبَّار، عن سعيد بن أوسٍ، عن أبيه مرفُوعا.
فسَقَط ذِكرُ "توبة، أو أبي توبة".
أخرَجَهُ أبو نُعيمٍ أيضًا (٩٩٥) من طريق خلَّاد بن أَسلَم، ثنا عبد الرَّحمن بهذا.
وهذا إسنادٌ ظُلُمَاتٌ بعضُها فوق بعضٍ، مع ما فيه من الاضطراب.
ووقفتُ له على شاهدٍ عن ابن عبَّاسٍ مرفُوعا، فساق حديثًا طويلًا، جاء في آخِرِهِ:"فإِذَا كانت ليلةُ الفِطر، سُمِّيتْ ليلةَ الجائزة، فإذا كانت غداةُ الفِطر بَعَثَ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - الملائِكةَ في كلِّ ملإٍ، فيهبِطُون إلى الأرض، فيَقُومُون على أفواه السِّكَكِ، فيُنَادُوْن بصوتٍ يسمعُه جميعُ من خَلَق اللهُ إلَّا الجنَّ والإنسَ، فيقُولُون: "يا أُمَّةَ مُحمَّدٍ! اُخْرُجُوا إلى ربٍّ كريمٍ، يغفِرُ العظيم"، وإذا بَرَزُوا في مُصلَّاهم، يقول اللهُ تعالى: "يا ملائكتي! ما أَجرُ الأجير إذا عَمِلَ عملَه؟ "، فتقول الملائكة: "إِلَهَنَا! وَسَيِّدَنَا!ص:35.
جزاؤُه أن يُوفِّيه أجرَه"، فيقولُ اللهُ عز وجل: "أُشهِدُكُم يا ملائكتي! أَنِّي قد جعلتُ ثوابَهم، مِن صيامِهم شهرَ رمضان، وقيامهم، رِضَائِي ومغفرتِي"، فيقول اللهُ عز وجل: "سَلُونِي! وَعِزَّتِي وَجلالي! لا تَسألُوني اليومَ شيئًا في جَمعِكُم هذا لِآخِرَتُكم إلَّا أَعطَيتكُمُوهُ، ولا لِدُنيا إلَّا نظرتُ لكم. وعِزَّتِي! لأستُرَنَّ عَلَيكُم عَثَرَاتِكُم ما رَاقَبتُمُونِي. وعِزَّتِي وجلالِى! لا أُخزِيكُم ولا أفضَحُكُم بين يدي أصحاب الجُدُود - أو: الحُدود، شَكَّ أبو عَمرٍو -، وانصَرِفُوا مغفورًا لَكُم، قد أَرضَيتُمُونِي، ورَضِيتُ عنكم"، - قال: - فتَفرَحُ الملائكةُ، ويَستَبشِرُون بما يُعطِي اللهُ هذه الأُمَّةَ إذا أفطروا".
أخرَجَهُ الأَصبَهَانِيُّ في "التَّرغيب"(١٧٤١)، وابنُ الجَوزِيِّ في "الواهيات"(٢/ ٤٣ - ٤٥/ ٨٨٠)، وقال:"لا يَصِحُّ. سنَدُه واهٍ جِدًّا"، وعزاه المُنذِرِيُّ في "التَّرغيب"(٢/ ٩٩ - ١٠١) لأبى الشَّيخ في "كِتاب الثَّواب"، والبيهقيِّ، وقال:"ليس في إسناده من أُجمِعَ على ضعفِه".
• قلتُ: قلتُ: كذا قال! وليس من شرط الحديث الباطل أن يكُون الإجماعُ انعَقَدَ على ضعفِ أَحَدِ رُواتِه.
وهذا حديثٌ مُنكَرٌ جدًّا، شِبهُ الموضُوع.
وإن كان ابنُ الجَوزِيِّ أخطأ في زعمِه أن القاسمَ بنَ الحَكَم العُرَنِيَّ - أحد رُواتِه - مجهولٌ، فليس بمجهولٍ، بل هو معروفٌ، فقد وثَّقَه غيرُ واحدٍ، منهُم أحمدُ وابن مَعِينٍ والنَّسائِيُّ.ص:36.
قال أبو زرعة : صدوق
وقال ابن حِبَّان:"مُستقيم الحديث".
وضعَّفَهُ العُقيليُّ وأبو نُعيمٍ الفضلُ بنُ دُكين لغَفلَةٍ كانت فيه.
وعلى كُلِّ حالٍ، فليس يصِحُّ في هذا الباب شيءٌ أعلَمُه.