سألني سائل، فقال: رَوَى أبو داوُد في "سُنَنه" حديثَ أبي أُمامة، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأُذُنَان من الرَّأس"

سألني سائل، فقال: رَوَى أبو داوُد في "سُنَنه" حديثَ أبي أُمامة، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأُذُنَان من الرَّأس"

اللفظ / العبارة' سألني سائل، فقال: رَوَى أبو داوُد في "سُنَنه" حديثَ أبي أُمامة، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأُذُنَان من الرَّأس"
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي ضعيف
القسم المناهي العملية
Content

 سألني سائل، فقال: رَوَى أبو داوُد في "سُنَنه" حديثَ أبي أُمامة، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأُذُنَان من الرَّأس"، وقال كلامًا عَقِب الحديث، لم أَفهَم مُرادَه منه، فما هو مرادُه؟

• قلتُ: هذا حديثٌ ضعيفٌ.

فأخرَجَ أبو داوُد (١٣٤) قال: "حدَّثنا سُليمانُ بن حربٍ، حدَّثَنا حمَّادٌ. (ح) وحدَّثَنا مُسدَّدٌ، وقُتيبةُ، عن حمَّاد بن زيدٍ. عن سِنان بن ربيعة، عن شهر بن حَوْشَبٍ، عن أبي أُمامة، وذَكَر وَضُوءَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح المَأْقَينِ، - قال: - وقال: "الأُذُنان من الرَّأس".

قال سُليمانُ بنُ حربٍ: يقولُها أبو أُمَامة.

قال قتيبةُ: قال حمَّادٌ. لا أَدرِي، هو مِن قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو من أبي أُمَامة، يعني: قِصَّة الأُذُنين.

قال قُتَيبةُ: عن سنانٍ أَبِي ربيعة.

قال أبو داوُد: هو ابنُ ربيعة، كُنيتُهُ: "أبو رَبِيعة" انتهى.

• قلتُ: وأخرَجَهُ التِّرمِذيُّ (٣٧) قال: حدَّثَنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ ..

وابنُ ماجَهْ (٤٤٤)، والدَّارَقُطنِيُّ (١/ ١٠٣) عن مُحمَّد بن زيادٍ الزِّيَادِيِّ ..

وأحمدُ في "مُسنَده"، وأبو عُبيدٍ في "كتاب الطَّهُور(٨٨، ٣٥٩)، والطَّبَرانيُّ في "الكبير" (ج ٨/ رقم ٧٥٥٤) عن عفَّان بن مُسلِمٍ ..ص:255.

وأحمدُ أيضًا (٥/ ٢٦٤، ٢٦٨) قال: حدَّثَنا يُونُس بن مُحمَّدٍ المؤدِّبُ، ويحيى بنُ إسحاق ..

والدَّارَقُطنِيُّ (١/ ١٠٣)، والبَيهَقِيُّ (١/ ٦٦ - ٦٧) عن سُليمان بن حربٍ ..

والطَّحَاوِيُّ في "شرح المعاني" (١/ ٣٣) عن يحيى بن حسَّان ..

وابنُ عَدِيٍّ في "الكامل" (٣/ ١٢٧٧) عن أحمد بن عَبْدة ..

وابنُ جَرِيرٍ في "تفسيره" (١١٣٨١ - شاكر) عن حمَّاد بن أُسامة ..

والدَّارَقُطنِيُّ (١/ ١٠٣) عن الهيثم بن جَمِيلٍ، وأبي عُمَر الضَّرير، ومُحمَّد بن أبي بكرٍ ..

والطَّبَرانيُّ في "الكبير" (٧٥٥٤) عن عارمٍ، وخالد بن خِدَاشٍ، وأبي عُمَر الضَّرير ..

والبَيهَقِيُّ (١/ ٦٦) عن مُسدَّد بن مُسَرهَد، وأبي الرَّبيع الزَّهراني، قالُوا جميعًا: حدَّثَنا حمَّادُ بن زيدٍ، عن سِنان بن ربيعة.

ورواه مُحمَّدُ بن عبد الله بن بَزِيعٍ، قال: ثنا حمَّادُ بن زيدٍ بإسناده، لكنَّه قال: "عن أبي أُمَامة، أو عن أبي هُريرَة" هكذا على الشَّكِّ في صحابيِّ الحديث.

أخرَجَه ابنُ جَرِيرٍ (١١٣٧٩).

وكذلك شَكَّ مُعَلَّى بن منصورٍ، فرَوَى هذا الحديث عن حمَّاد بن زيدٍ بسَنَده، فقال: "عن أبي أُمَامة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أو عن أبي أُمَامة، قال: الأُذُنان من الرَّأس".ص:256.

أخرَجَهُ الدَّارَقُطنِيُّ (١/ ١٠٣) عن مُحمَّد بن شاذان، نا مُعَلَّى بن منصورٍ.

ولكنِّي وجدتُ أبا كُريبٍ، وهو مُحمَّدُ بن العلاء، رواه عن مُعَلَّى بن منصُورٍ، عن حمَّاد بن زيدٍ، كما رواه الجماعة.

أخرَجَهُ ابنُ جريرٍ (١١٣٨٠).

• قلتُ: فقد رأيتَ، أراك اللهُ الخيرَ، أنَّ خمسة عشر راويًا، فِيهِم جمعٌ من الحُفَّاظ الأثبات، رَوَوْا هذا الحديث عن حمَّاد بن زيدٍ بسَنَده، فجَزَمُوا أن الحديث من مُسنَد أبي أُمَامة، وأنه مرفُوعٌ إلما النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وخالَفَهُم سُليمانُ بن حربٍ، فجزم بأنَّ قوله: "الأُذُنان من الرَّأس" مِن كلام أبي أُمامَة - رضي الله عنه -.

فنَظَرَ الدَّارَقُطنِيُّ في هذا الاختلاف، فقال عَقِب تخريجِه الحديثَ: "أَسنَد هؤلاء عن حمَّادٍ، وخالَفَهُم سُليمانُ بن حربٍ، وهو ثِقَةٌ حافظٌ".

فهذا يدُلُّ على أنَّ الدَّارَقُطنيَّ يُرَجِّح رواية سُليمان بن حربٍ على رواية هؤلاء النَّفَر، وفِيهِم من ذكرتُ من الحُفَّاظ، وهذا يُخالِفُ القاعدةَ الكُلِّيَّةَ التي وضعها عُلماءُ الحديث في تعريف الشَّاذِّ، ولكنَّ هذه القاعدةَ قد تتخلف أحيانًا لقرائنَ تَكُونُ عند النَّاقد، ولعلَّ من القرائن التي اعتمد عليها الدَّارَقُطنِيُّ في ترجيح رِواية سُليمان وحده أنَّه كان ذا خُصُوصيَّةٍ في حمَّاد بن زيدٍ، فقد ذَكَر يعقوبُ بن سُفيان في "المعرفة والتَّاريخ" (١/ ١٧٠) عن سُليمان بن حربٍ، قال: "اختلَفتُ إلى شُعبة، فلمَّا مات جالَستُ حمَّاد بن زيدٍ، ولَزِمتُه حتَّى مات، جالستْهُ تِسعَ عشرة سنة".ص:256.

ومِن القرائن أيضًا الأخذُ بالأقلِّ عِند الاختلافِ، والأقلُّ أن يَكُون موقُوفًا، لا مرفُوعًا.

إنَّما أقولُ هذا تخريجًا لصنيع الدَّارَقُطنِيِّ - رحمه الله -، وإلَّا فالصَّوابُ عِندي هو تقديمُ رِواية الجماعة على رِوايتِه وحده، لاسيَّما وقد نَقَل التِّرمِذِيُّ عن شيخه قُتَيبة بن سعيدٍ، أنَّه قال: قال حمَّادٌ: "لا أَدرِي: هذا مِن قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو مِن قول أبي أُمَامة؟ "، فدَلَّنا ذلك على أنَّ الذي شكَّ في رفعه أو في وَقفِه إنَّما هو حمَّادُ بن زيدٍ، فتلقَّاهُ عنه الجَمَاعَةُ مرفُوعًا، وسُليمانُ بنُ حربٍ موقُوفًا، وإذْ الأمرُ كذلك فلا داعي لنَصبِ الخلاف بين الرُّواة عن حمَّادٍ، ولا داعي أيضًا لقول سُليمان بن حربٍ فيما ذَكَرَهُ البَيهَقِيُّ، إذ قال: "الأُذُنان من الرَّأس، إنَّما هو مِن قول أبي أُمامَة، فَمَن قال غير هذا، فقد بدَّل، أو كلمةٌ قالها سُليمانُ، أي: أخطأ" انتهى؛ لأنَّه من العَسِير أن يَهِمَ أو يُخطِئَ هذا الجمعُ الغفيرُ من الثِّقات، ويتواطَؤُوا على التَّبديل.

فهذا هُو مُرادُ أبي داوُد من التَّعليق على هذا الحديث. واللهُ أعلَمُ.

أما الحُكمُ على الحديث، فهو الضَّعفُ.

وقد قال التِّرمِذِيُّ عَقِبهُ: "ليس إسنادُهُ بذاك القائم"؛ وسِنانُ بن ربيعة، وشَهرُ بن حَوْشَبٍ مُتَكلَّمٌّ فيهما.

ولا يَصِحُّ في مَسحِ المَأقَينِ حديثٌ مرفُوعٌ.

و"المَأْقُ"، ويُقال أيضًا: "الماق" بلا همزٍ، و"المُوْقُ": طرفُ العين، الذي يلي الأنفَ.

كتاب إسعاف اللبيث،ج:3،ص:257.

Loading...