"إِنَّ اللهَ يتجَلَّى لعبادِهِ المُؤمِنِين عامَّةً، ويتَجَلَّى لأبي بَكرٍ خاصَّةً".

"إِنَّ اللهَ يتجَلَّى لعبادِهِ المُؤمِنِين عامَّةً، ويتَجَلَّى لأبي بَكرٍ خاصَّةً".

اللفظ / العبارة' "إِنَّ اللهَ يتجَلَّى لعبادِهِ المُؤمِنِين عامَّةً، ويتَجَلَّى لأبي بَكرٍ خاصَّةً".
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي باطل
القسم المناهي العملية
Content

 سُئلتُ عن حديث: "إِنَّ اللهَ يتجَلَّى لعبادِهِ المُؤمِنِين عامَّةً، ويتَجَلَّى لأبي بَكرٍ خاصَّةً".

• قلتُ: هذا حديثٌ باطلٌ.

أخرَجَهُ أبو نُعيمٍ في "الحِلية" (٥/ ١١ - ١٢)، ومن طريقه ابنُ الجَوزِيِّ في "الموضوعات" (٢/ ٤١ - ٤٢) قال: حدَّثَنا أبو عليٍّ مُحمَّد بن أحمد بن الحَسَن، ومُحمَّدُ بنُ عُمَر بن سَلْمٍ، قالا: ثنا يُوسُفُ بنُ الحَكَم، ثنا مُحمَّدُ بن خالدٍ الخُتُلِّيُّ، ثنا كَثيرُ بنُ هشامٍ، ثنا جعفرُ بنُ بُرقانَ، عن مُحمَّد بن سُوْقَةَ، عن مُحمَّد بن المُنكَدِر، عن جابرٍ، قال: جاءَ وفدُ عبد القَيس إلى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَكَلَّمَهُ بعضُهم بكلامٍ وأَلْغَزَ فيه، فالتَفَت النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكرٍ، فقال: "يا أبا بكرٍ! سَمِعتَ ما قالوا؟ "، قال: "نعم، يا رسُول الله! وفهمتُه"، قال: "فَأَجِبْهُم، يا أبا بكرٍ! "، فأَجَابَهُم بجوابٍ، وأجادَ في الجواب، فقال له النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكرٍ! أعطاك اللهُ الرِّضوانَ الأكبرَ"، فقال له بعضُ القوم: "يا رسول الله! وما الرِّضوانُ الأكبرُ؟ "، قال: "يتجلَّى اللهُ - عز وجل - في الآخرة لعباده المُؤمِنِين عامَّةً، ويتجَلَّى لأبي بكرٍ خاصَّةً".

قال أبو نُعيمٍ: "هذا حديثٌ ثابتٌ، رواتُهُ أعلامٌ، تفرَّد به الخُتُلِّيُّ، عن كَثيرٍ"!!ص:276.

• قلتُ: كذا قال أبو نُعيمٍ! فهذا الحديثُ ليس بثابتٍ، بل هو باطلٌ؛ ومُحمَّدُ بنُ خالدٍ الخُتُلِّيُّ ليس بثِقةٍ أصلًا.

وأخرَجَه الحاكمُ (٣/ ٧٨) قال: أخبَرَنا أحمدُ بن كاملٍ القاضي، ثنا يُوسُفُ بن مُحمَّد رئيسُ الخيَّاط، ثنا مُحمَّدُ بن خالدٍ الخُتُلَّيَّ بهذا الإسناد.

سكتَ عنه الحاكمُ، فتعقَّبَهُ الذَّهَبيُّ في "تلخيص المُستدرَك"، فقال: "تفرَّد به مُحمَّدُ بن خالدٍ الخُتُلِّيُّ، عن كثير بن هشامٍ، عن جعفر بن بُرقان، عن ابن سُوقَة، واحسَبُ مُحمَّدًا وضعَهُ".

وقال ابنُ الجَوزِيِّ: "تفرَّد به مُحمَّدُ بن خالدٍ، وقال بعضُهم: مُحمَّدُ بن مَخلدٍ، وكِلاهُما مكذَّبٌ".

وذَكَرَه الذَّهَبيُّ في "تلخيص الموضوعات" (ص ١٣٣)، وقال: "مُحمَّدُ الخُتُلِّيُّ أظُنُّ البلاءَ منه".

ونَقَلَ الذَّهَبيُّ في "الميزان" (٣/ ٥٣٤) عن ابن مَندَهْ، قال: "صاحبُ مناكير".

ولهُ طُرُقٌ أخرى عن جابرٍ، كُلُّها ساقطةٌ.

فمنها ما: أخرجه ابنُ حِبَّان في "المجروحين" (٢/ ١١٥)، وابنُ عَدِيٍّ في "الكامل" (٥/ ١٨٥٨)، والخطيبُ (١٢/ ١٩)، وابنُ الجَوزِيِّ (٢/ ٤٢ - ٤٣)، وأبو طاهرٍ المُخلِّص (٢٩٣١)، ومن طريقه الذَّهَبيُّ في "الميزان" (٣/ ١٢٠) من طريق عليِّ بن الحسَن المُكتِب - وهو عَليُّ بنُ عَبدةَ -، قال: ثنا يحيى بن سعيدٍ القَطَّانُ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن ابنِ المُنكَدِر، عن جابرٍ، مرفُوعًا: "إنَّ الله ليَتَجَلَّي للنَّاس عامَّةً، ويتجلَّى ،ص:276.

لأبي بَكرٍ خاصَّةً".

قال ابنُ حِبَّان: "عليُّ بنُ عبدة شيخٌ كان ببغداد، يَسرِق الحديثَ، ويَعمد إلى كُلِّ حديثٍ رواه ثقةٌ، يرويه عن شيخِ ذلك الشَّيخ، ويَروِي عن الأثبات ما ليس من حديث الثقات، لا يَحِلُّ الاحتجاجُ به".

وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا حديثٌ باطلٌ بهذا الإسناد، وعليُّ بن عَبدَة هذا مِقدَارُ مَا لَهُ: إمَّا حديثٌ مُنكَرٌ، أو حديثٌ سَرَقَهُ من ثِقَةٍ فرواه".

وقال الخطيبُ: "هو باطلٌ، لا أَعلَمُ رواه عن جابرٍ، ولا عن ابن المُنكَدِر، ولا عن ابن أبي ذئبٍ، ولا عن يحيى بن سعيدٍ، غيرَ عليِّ بن عبدة".

وقال الذَّهَبيُّ: "فهذا أَقطَعُ أنَّهُ مِن وَضعِ هذا الشُّوَيخ على القَطَّان".

ورواه يحيَى بنُ أبي بُكيرٍ، عن ابن أبي ذئبٍ بسَنَده سواء.

أخرَجَهُ الخطيبُ (١٢/ ١٩ - ٢٠)، ومِن طريقه ابنُ الجَوزِيِّ في "الموضُوعات(٢/ ٤٣) من طريق أبي حامدٍ أحمد بن عليِّ بن حَسنَوَيْهِ المُقرِئِ، عن الحَسَن بن عليِّ بن عفَّان، ثنا يحيى بن أبي بُكيرٍ بهذا.

قال الخطيب: "باطلٌ، والحَملُ فيه على أبي حامدٍ ابن حَسنَوَيهِ؛ فإنَّه لم يَكُن ثقةً، ونَرَى أنَّ أبا حامدٍ وَقَع إليه حديثُ عليِّ بن عبدة، فركَّبَهُ على هذا الإسناد، مع أنَّا لا نعلم أنَّ الحَسَن بن عليِّ بن عفَّان سمع من يحيى بن أبي بُكيرٍ شيئًا".

وله طريقٌ آخر عن جابر - رضي الله عنه -.

أخرَجَهُ الخطيبُ (١١/ ٢٥٤ - ٢٥٥) من طريق أبي القاسم عُمَر بن مُحمَّد بن عبد الله التِّرمِذِيِّ، حدَّثَنا عبَّاسٌ الشِّكْلِيُّ، حدَّثَنا الحَسَن بن ،ص:277.

عَرَفَة، حدَّثَنا أبو مُعاوِية، عن الأعمش، عن أبي الزُّبَير، عن جابرٍ، قال: قال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بَكرٍ: "يا أبا بَكرٍ! أَلا أُبشِّرُك؟ "، قال: "بلى، يا رسُول الله! "، قال: "إنَّ الله يتجَلَّى للخلائقِ عامَّةً، ولك خاصَّةً".

ثُمَّ رواه من طريق أبي القاسم هذا، عن خاله أحمد بن مُحمَّد بن عبيد الله، ثنا الحَسَن بن عَرَفة بهذا.

قال الخطيبُ عن ابن أبي الفوارس: "أبو القَاسِم التِّرمذِيُّ فيه نَظَرٌ"، واتَّهَمه ابنُ الجَوزِيِّ بوضع الحديثِ.

• قلتُ: فهذا كما ترى، ساقطٌ عن حدِّ الاعتبار، فَضلًا عن الاحتجاج به.

وله شواهدُ عن أنَسٍ، وأبي هُريرَة، والحَسَن بن عليٍّ، وعائشة - رضي الله عنهم -، وكُلُّ طُرُقِها لا تَخلُو من كذَّابٍ، أو مُتَّهَمٍ، أو مَتروكٍ، فلا نُسَوِّد وَجه القِرطَاسِ بذكرِها.

كتاب إسعاف اللبيث،ج:3،ص:278.

Loading...