أخرَجَهُ أبو بكرٍ الأَبْهَرِيُّ مُحمَّدُ بنُ عبد الله في "الفوائد والغرائب الحِسَان"(ق ٣٤٠/ ١ - مجموع ٤٦) قال: حدَّثَنا مُحمَّدُ بنُ عُبيدٍ، قال: حدَّثَنا مُحمَّدُ بنُ مَرْوان، عن عُبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عُمَر مرفُوعًا:"لا تُفَتِّشُوا التَّمر".
وهذا إسنادٌ واهٍ جدًّا؛ ومُحمَّدُ بنُ مَرْوان هو المعروف بالسُّدِّيِّ الصَّغيرِ، ساقطٌ مطروحٌ، قال البُخاريُّ، وأبو حاتمٍ:"لا يُكتَبُ حديثُه البتَّةَ"، زاد أبو حاتمٍ:"ذاهبُ الحديث، متروكٌ"، وقال صالحُ بن مُحمَّدٍ جَزَرَةُ:"كان يضع الحديث"، وكذَّبَه ابنُ نُمَيرٍ، وتَرَكه النَّسَائِيُّ وغيرُه.
وقد وقفتُ له على طريقٍ آخرَ.
أخرَجَهُ البَيهَقِيُّ في "شُعب الإيمان"(٥٨٨٣)، قال: حدَّثَنا أبو عبد الله الحافظُ، أنا أبو بكرٍ بنُ إسحاقَ، أنا مُحمَّدُ بنُ الحُسين الأَنمَاطِيُّ، ثنا مُحمَّدُ بنُ بَكَّارٍ، ثنا إسماعيلُ بنُ زكريَّا، عن قيس بن الرَّبيع، عن جَبَلَةَ بن سُحَيمٍ، عن ابن عُمَر، أنه قال: نَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُشَقَّ التَّمرةُ عمَّا فيها.
وأخرَجَهُ الطَّبَرانيُّ في "الكبير" - كما في "مَجمَع الزَّوائد"(٥/ ٤٢) -،ص:370.
وأخرَجَهُ البَيهَقِيُّ أيضًا (٥٨٨٥) من طريق داوُد بن الزِّبْرِقَان، عن عمِّه أبي حفصٍ الكِندِيِّ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن ابن عُمَرَ، قال: نَهَانَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نَدَّهِنَ إلَّا غِبًّا، وأن نَقرِن بين التَّمرَتَين، أو نَشُقَّ عما فيهما.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ وداوُدُ بن الزِّبْرِقَان تالفٌ، تَرَكه أبو زُرعة، ويعقُوبُ بنُ شيبة، وأبو داوُد، وضعَّفه ابنُ المَدِينِيِّ جدًّا، بل كذَّبه الجُوْزْجَانِيُّ، وأظُنُّه بَالَغَ، وقال ابنُ عَدِيٍّ، مع توسُّطه:"عامَّةُ ما يرويه عن كُلِّ مَن رَوَى عنه ممَّا لا يُتابِعُه أحدٌ عليه".
ويُنظَر حالُ عمِّه أبي حفصٍ الكِندِيِّ.
وصحَّح الحاكمُ في "المُستدرَك"(١/ ٢٠٩) سماع حبيب بن أبي ثابتٍ من ابن عُمَر، وكذلك قال العِجلِيُّ، ولكن قال ابنُ خُزَيمة، وابن حِبَّان:"كان مُدلِّسًا".
وقد وَرَد ما يدلُّ على نَكَارَة هذا المتن ..
فقد أخرَجَ أبو داوُد (٣٨٣٢)، ومن طريقه البَيهَقِيُّ في "الشُّعَب"(٥٨٨٦) قال: حدَّثَنا مُحمَّدُ بنُ عَمْرو بن جَبَلَةَ ..
وابنُ ماجَهْ (٣٣٣٣)، وأبو الشَّيخ في "أخلاق النَّبيِّ"(ص ٢٢١) عن أبي بِشرٍ بَكرِ بنِ خَلَفٍ ..
والطَّبَرَانِيُّ في "الأوسط"(١٤٦٢) عن هِلال بن بِشرٍ، قالوا: ثنا،ص":371.
أبو قُتيبةَ سَلْمُ بنُ قُتيبة، عن همَّامٍ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنَس بن مالكٍ، قال: أُتي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بتمرٍ عتيقٍ، فجَعَلَ يُفَتِّشُه؛ يُخرِج منه السُّوسُ.
وسَلْمُ بنُ قُتيبة وثَّقَه أكثرُ النُّقَّاد، وتكلَّم فيه أبو حاتمٍ.
وقد خالفه مُحمَّدُ بنُ كَثيرٍ العَبْدِيِّ، فقال: أخبَرَنا همَّامٌ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذَكَرَ معناه. فأرسَلَه.
أخرَجَهُ أبو داوُد (٣٨٣٣)، ومن طريقه البَيهَقِيُّ في "الشُّعَب"(٥٨٨٧) قال: حدَّثَنا مُحمَّدُ بنُ كَثيرٍ بهذا.
قال البَيهَقِيُّ:"وهذا مع إرساله، أصحُّ من حديث. قيس بن الرَّبيع، وداوُدَ بنِ الزِّبْرِقَانَ".
فكأنَّ البَيهَقِيَّ يَذهَبُ إلى ترجيح المُرسَل على الموصول، ولا يَظهَرُ لي ذلك؛ لأنَّ مُحمَّدَ بنَ كَثيرٍ العَبْدِيَّ تَكلَّم فيه ابنُ مَعِينٍ، فقال:"لم يَكُن بالثِّقة"، وقوَّاه آخَرُون، وقال ابنُ حَجَرٍ:"لم يُصِب من ضعَّفه".
وعِندِي أنَّ حديث سَلْم بن قُتيبة جيِّدُ الإسناد، ولا مانِع من وُرُود الحديثِ موصُولًا ومُرسَلًا.
وقد تأوَّل البَيهَقِيُّ حديثَ النَّهي عن تفتيش التَّمر، على فرض صِحَّته، بأن يَكُون جديدًا، أمَّا إذا كان عتيقًا، كما في حديث أنَسٍ، فلا بأس بذلك، وقد عَلِمتَ أنَّ حديث النَّهي عن التَّفتيش مُنكَرٌ.