٣٤٣ - "إذا أكلتَ، فابدأ بالمِلحِ؛ تُشفَ من سبعِين داءً".
٣٤٤ - "مَن قَرَأَ سورة {يس} نال عَشرَ بَرَكاتٍ".
• قلتُ: هذه الأحاديثُ الثَّلاثة هي في حقيقتها حديثٌ واحدٌ، لكنَّه باطلٌ موضوعٌ.
أخرَجَهُ الحارثُ بنُ أبي أُسامة في "المُسنَد"(٤٦٩ - زوائد) قال: حدَّثَنا عبدُ الرَّحيم بنُ واقدٍ، ثنا حمَّادُ بنُ عَمْرٍو، عن السَّرِيِّ بن خالد بن شدَّادٍ، عن جعفر بن مُحَمَّدٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عليٍّ، أنَّه قال: قال لي رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عليٌّ! إذا توضأت فقُل: "بِسم اللّه! اللَّهُمَّ! إنِّي أسألُك تمام الوُضوء، وتمام الصَّلاة، وتمام رِضوَانِك، وتمام مغفرَتِك"؛ فهذه زكاة الوُضوء. وإذا أَكَلت، فابدأ بالمِلح، واختِم بالمِلح؛ فإن في المِلح شفاءً من سبعين داءً، أوَّلها الجُذام، والجُنون، والبَرَصُ، ووَجَعُ الأضراس، ووَجَعُ الحَلْق، ووَجَعُ البَصَر. ويا عليُّ! كُل الزَّيتَ، وادَّهِن بالزَّيت؛ فإنَّه من ادَّهَن بالزَّيت لم يَقرَبهُ الشَّيطان أربعين ليلةً. ويا عليُّ! لا تَستَقبِل الشَّمسَ؛ فإن استقبالها داءٌ، واستدبارَها دواءٌ. ولا تُجامِع،ص:401.
امرأتَك في نِصف الشَّهر، ولا عِند غُرَّة الهلال؛ أَمَا رأيتَ المجانين يُصرَعون فيها كثيرًا. يا عليُّ! إذا رأيتَ الأَسَد، فكبِّر ثلاثًا، تقُول:"اللّهُ أكبر، اللّهُ أكبر، اللّهُ أكبرُ، اللهُ أعزُّ مِن كُلِّ شيءٍ وأكبرُ، أعوذُ باللّه مِن شَرِّ ما أخافُ وأُحاذِرُ"؛ فإنَّك تُكفَى شَرُّه، إن شاء اللّه. وإذا هَرَّ الكلبُ عليك، فقُل:{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}[الرحمن: ٣٣]. يا عليُّ! إذا كُنتَ صائمًا في شهر رمضان، فقُل بعد إفطارِك:"اللَّهُمَّ! لك صُمتُ، وعليك توكَّلتُ، وعلى رِزقِك أفطرتُ"، يُكتَبُ لك مِثلُ مَن كان صائمًا، مِن غَير أن يَنتَقِص من أجورهم شيئًا. يا عليُّ! واقرأ سُورة {يس}؛ فإن في {يس} عَشرُ بَرَكَاتٍ: ما قرأها جائعٌ إلَّا شَبع، ولا ظمآنُ إلَّا رَوِي، ولا عارٍ إلَّا كُسِي، ولا عَزَبٌ إلَّا تزوَّج، ولا خائفٌ إلَّا أَمِن، ولا مسجونٌ إلَّا خرَج، ولا مُسافرٌ إلَّا أُعِين على سَفَره، ولا من ضلَّت له ضالَّةٌ إلَّا وجدها، ولا مريضٌ إلَّا بَرِئ، ولا قُرِئت عند ميِّتٍ إلَّا خُفِّف عنه".
وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ مُسلسَلٌ بالمجروحين، فشيخُ الحارث بن أبي أُسامة، قال الخطيبُ في "تاريخه" (١١/ ٨٥): "في حديثه مناكيرُ، لأنَّها عن ضُعفاءَ، ومَجاهِيل"، وقد يُفهَم من هذا القول أن العُهدة على مَن فوقه.
وحمَّادُ بنُ عَمْرٍ والنَّصِيبِيُّ كذَّبه الجُوْزْجَانِيُّ، وقال ابنُ حِبَّانَ: "كان يَضَع الحديثَ وضعًا"، ووهَّاهُ أبو زُرعة، وترَكَه النَّسَائِيُّ.
وقال البُخاريُّ: "مُنكَرُ الحديث".
والسُّرِيُّ بنُ خالدٍ، قال الأَزدِيُّ: "لا يُحتَجُّ به".ص:401.
وقال الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(٢/ ١١٧): "لا يُعرَف"، وترجمه ابنُ أبي حاتمٍ (٢/ ١/ ٢٨٤)، ولم يَذكُر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وكأنَّ هذا إسنادُ نُسخَةٍ إلى جعفرٍ الصَّادقِ، فقد رَوَى الحارثُ بنُ أبي أُسامة بهذا الإسناد، عن جعفر بن مُحمَّدٍ، جُملةً من الأحاديث.
وقد أورد ابنُ الجَوزِيِّ في "الموضوعات"(٢/ ٢٨٩) من وجهٍ آخرَ، بعض هذا الحديث، ثُمَّ قال:"هذا حديثٌ لا يصحُّ عن رسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، والمُتَّهَمُ به عبدُ الله بنُ أحمد بن عامرٍ، أو أبوه، فإنَّهما يرويان نُسخةً عن أهل البيت، كُلُّها موضوعةٌ".