"حَيَاتِي خيرٌ لَكُم، ومماتي خيرٌ لَكُم، تُعرَضُ عليَّ أعمالُكم، فما وجدتُ مِن خيرٍ، حمدتُ الله عليه، وما رأيتُ من شرٍّ، استغفرتُ الله لَكُم".
اللفظ / العبارة'
"حَيَاتِي خيرٌ لَكُم، ومماتي خيرٌ لَكُم، تُعرَضُ عليَّ أعمالُكم، فما وجدتُ مِن خيرٍ، حمدتُ الله عليه، وما رأيتُ من شرٍّ، استغفرتُ الله لَكُم".
متعلق اللفظ
مسائل حديثية
الحكم الشرعي
ضعيف جدا
القسم
المناهي العملية
Content
سُئلتُ عن حديث:"حَيَاتِي خيرٌ لَكُم، ومماتي خيرٌ لَكُم، تُعرَضُ عليَّ أعمالُكم، فما وجدتُ مِن خيرٍ، حمدتُ الله عليه، وما رأيتُ من شرٍّ، استغفرتُ الله لَكُم".
• قلتُ: هذا حديثٌ ضعيفٌ مُنكَرٌ.
أخرَجَهُ البَزَّار (١٩٢٥ - البحر) قال: حدَّثَنا يُوسُفُ بنُ مُوسى، قال: نا عبدُ المَجِيد بنُ عبد العزيز بن أبي روَّادٍ، عن سُفيان، عن عبد الله بن السَّائب، عن زَاذَانَ، عن ابن مسعُودٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:"إن لله ملائكةً سيَّاحين، يُبَلِّغُونِي عن أمَّتي السَّلامَ".
قال: وقال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حياتي خير لَكُم … الحديث".
قال البزَّارُ:"وهذا الحديثُ آخِرُه لا نَعلَمُه يُروَى عن عبد الله إلَّا مِن هذا الوجه بهذا الإسناد".
فاعلم أيُّها المُستَرشِد! أنَّ جماعةً من ثقاتِ أصحاب سُفيان الثَّوْريِّ، رَوَوْا هذا الحديثَ عنه، عن عبد الله بن السَّائب، عن زاذانَ، عن ابن مسعُودٍ، بأوَّله حسبُ، ولم يَذكُر واحدٌ منهم آخرَه.
فأخرَجَهُ النِّسَائِيُّ (٣/ ٤٣)، وأحمدُ (١/ ٤٥٢) عن مُعاذ بن مُعاذٍ العَنبرِيِّ ..
والنَّسَائِيُّ، وأبو يَعلَى (٥٢١٣)، وابن أُبي شَيبَة (٢/ ٥١٧)، وابنُ حِبَّان (٩١٤) عن وكيع بن الجَرَّاح ..ص:410.
والنَّسَائِيُّ (٣/ ٤٣)، والطَّبَرانِيُّ في "الكبير"(ج ١٠/ رقم ١٠٥٢٩) عن عبد الرَّزَّاق، وهذا في "المُصنَّف"(٢/ ٢١٥) ..
والدَّارِمِيُّ (٢/ ٢٢٥) قال: حدَّثَنا محُمَّدُ بنُ يُوسُف الفِريَابِيُّ ..
وأحمد (١/ ٣٨٧) قال: حدَّثَنا عبدُ الله بنُ نُميرٍ ..
والنَّسَائِيُّ في "اليوم واللَّيلة"(٦٦) عن ابن المُبارَك، وهو في "كتاب الزُّهد"(١٠٢٨) ..
والهيثمُ بن كُليبٍ في "المُسنَد"(٨٢٥) عن زيد بن الحُباب ..
والبَزَّارُ (١٩٢٣)، وإسماعيلُ القاضي في "فضل الصَّلاة على النَّبيِّ"(٢١) عن يحيى القَطَّان ..
والهيثمُ بن كُليبٍ (٨٢٦)، والطَّبَرَانِيُّ (١٠٥٣٠) عن فُضيل بن عياضٍ ..
والبَيهَقِيُّ في "الشُّعب"(١٥٨٢)، وفي "الدَّعَوات الكبير"(١٥٩)، والبَغَوِيُّ في "شرح السُّنَّة"(٣/ ١٩٧) عن أبي نُعيمٍ الفضلِ بن دُكينٍ ..
وأبو نُعيمٍ في "الحِلية"(٤/ ٢٠١) عن محُمَّد بن كَثيرٍ ..
والحاكمُ (٢/ ٤٢١)، وأبو نُعيمٍ في "أخبار أصبهان"(٢/ ٢٠٥) عن أبي إسحاق الفَزَارِيِّ ..
والبَيهَقِيُّ في "الدَّعوات الكبير"(١٥٩)، والبَغَوِيُّ في "شرح السُّنَّة"(٣/ ١٩٧) عن عُبيد الله بن مُوسَى، كُلُّهم عن سُفيان الثَّورِيِّ، عن عبد الله بن السَّائب، عن زاذان، عن ابن مسعُودٍ مرفُوعًا، بالفقرة،ص:410.
الأولى من الحديث، دُون قولِه:"حياتي خيرٌ لَكُم … الخ".
فقد رأيتَ، أراك اللهُ الخيرَ، أن يحيى القَطَّانَ، وعبدَ الرَّحمن بنَ مَهدِيٍّ، ووكيعَ بن الجرَّاح، وابنَ المُبارَك، وعبدَ الرَّزَّاق بنَ همَّامٍ، ومُعاذَ بن مُعاذٍ العَنبَرِيَّ، ومُحمَّدَ بنَ يُوسف الفِريَابِيَّ، وعبدَ اللّه بنَ نُميرٍ، وزيدَ بنَ حُبابٍ، وعُبيدَ اللّه بنَ مُوسَى، وأبا نُعيمٍ الفَضلَ، وفُضيلَ بنَ عِياضٍ، ومُحمَّدَ بنَ كَثيرٍ، وأبا إسحاق الفَزَارِيَّ، وعُدَّتُهم أربعةَ عشر نفرًا، قد رَوَوْه عن الثَّوْريِّ، فلم يَذكُروا قولَه:"حياتي خيرٌ لَكُم … ".
وخالَفَهُم عبدُ المجيد بنُ عبد العزيز بن أبي رَوَّادٍ، فرواه عن الثَّوْريِّ، بهذا الإسناد، فذَكَرَه.
وقد عَلِمنا مِن قول البَزَّار أنَّهُ تَفَرَّد به عن الثَّوْريِّ.
ولا يَشُكُّ حديثيٌّ - وهو المبتدئُ - أن رِواية عبد المجيد مُنكَرَةٌ، فلو لم يَكُن فيه مغمَزٌ، رُبَّما احتُمل منه، لكن تَكلَّم فيه غيرُ واحدٍ من العُلماء، منهم الحُمَيدِيُّ، وقال أبو حاتمٍ:"ليس بالقويِّ، يُكتَب حديثُه"، وقال الدَّارَقُطنِيُّ:"لا يُحتَجُّ به، يُعتَبر به"، وضعَّفه أبو زُرعة، وابنُ سعدٍ، وابنُ أبي عُمَر، وغَلَا فيه ابنُ حِبَّان فتَرَكَه، ووثَّقَه آخرُون، ولم يَروِ له مُسلِمٌ إلَّا حديثًا واحدًا، في "كتاب الحجِّ"(١٢٩٩/ ١٧٩) مقرونًا بهشام بن سُليمان المخزوميِّ، ولو سَلَّمنا أن مُسلِمًا رَوَى له محُتجًّا به، فلا بأس بِصَنيعِه؛ لأنَّه رَوَى هذا الحديثَ عن عبد المَجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُريجٍ، وكان عبدُ المَجيد من أَثبَت النَّاس في ابن جُريجٍ، كما قال ابنُ مَعِينٍ، والدَّارَقُطنِيُّ، وابنُ عَدِيٍّ، وغيرُهُم، وحديثُهُ هذا ليس عن ،ص:411.
ابن جُريجٍ، مع مُخالَفته لنجوم أصحاب الثَّوْريِّ، فحريٌّ أن لا يُقبَل منه ما زاده عليهم، لا سيَّما وقد رواه الأعمشُ، عن عبد الله بن السَّائب، عن زاذانَ، عن ابن مسعُودٍ مرفوعًا، بالحديث الأوَّل وحده.
أخرَجَهُ الحاكمُ (٢/ ٤٢١) عن عُثمان بن أبي شيبة ..
والطَّبَرانيُّ في "الكبير"(ج ١٠/ رقم ١٠٥٢٨) قال: حدّثَنا هاشمُ بن مَرثَدٍ الطَّبَرانيُّ ..
وأبو نُعيمٍ في "أخبار أصبهان"(٢/ ٢٠٥) عن أبي سيَّارٍ محُمَّد بن عبد اللّه البَغدَادِيِّ، قالوا: ثنا أبو صالحٍ محبوبُ بنُ مُوسَى الفرَّاءُ، ثنا أبو إسحاق الفَزَارِيُّ، عن الأعمش بهذا.
ومحبوبُ بنُ مُوسَى وثَّقه أبو داوُد، والعِجليُّ، وقال ابنُ حِبَّان:"مُتقِنٌ فاضلٌ".
وكذلك رواه حُسينٌ الخُلْقَانِيُّ، عن عبد الله بن السَّائب بهذا الإسناد، بالحديث الأوَّل.
أخرَجَهُ البَزَّارُ (١٩٢٤) ..
والخطيبُ في "تاريخه"(٩/ ١٠٤) من طريق سعيد بن الحسَن بن عليٍّ، قالا: ثنا يُوسُف بنُ مُوسَى القطَّان، ثنا جَريرُ بنُ عبد الحميد، عن حُسينٍ الخُلْقَانِيِّ بسَنَده سواء.
والخُلْقَانيُّ ما عَرَفتُه، فليُحَرَّر.
وبعد هذا التَّحرير، تَعلَمُ خطأ مَن صحَّح إسنادَ هذا الحديث، كالسِّيُوطِيِّ في "الخصائص"(٢/ ٤٩١)، أو من جوَّده، كالوَلِيِّ العِراقِيِّ،ص:412.
في "طرح التَّثريب"(٣/ ٢٩٧)، وأخفُّ من قولهما، وإن كان مُوهِمًا، قولُ الهَيثَمِيِّ في "المَجمَع"(٦/ ٢٤): "رواه البَزَّارُ، ورِجالُه رجالُ الصَّحيح"، وقولُ شيخِه العِرَاقِيِّ في "تخريج الإحياء"(٤/ ١٢٨): "رجالُه رجال الصَّحيح، إلَّا أن عبد المَجيد بن أبي روَّادٍ، وإن أَخرَج له مُسلِمٌ، ووثَّقه ابنُ مَعِينٍ، والنَّسَائِيُّ، فقد ضعَّفه بعضُهم" انتهَى.
وله شواهدُ لا يُفرَح بها ..
من ذلك حديثُ أنَسٍ - رضي الله عنه - مرفُوعًا:"حَيَاتِي خيرٌ لكم - ثلاث مرَّاتٍ -، ووفاتِي خيرٌ لكم - ثلاث مرَّاتٍ -"، فسكت القومُ، فقال عُمَرُ بن الخَطَّاب:"بِأبِي أنتَ وأُمِّي! كيف يكُونُ هذا؟! قُلتَ: "حياتِي خيرٌ لكم" ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قلتَ: "موتي خيرٌ لكُم" ثلاث مرَّاتٍ"، قال:"حياتي خيرٌ لكُم: ينزِلُ عليَّ الوحيُ مِن السَّماء فأُخبِرُكم بما يَحِلُّ لكم وما يَحرُمُ عليكُم. وموتي خيرٌ لكم: تُعرَضُ عليَّ أعمالُكُم كلَّ خميسٍ، فما كان مِن حَسَنٍ حمدتُ الله عليه، وما كان مِن ذنبٍ استوهَبتُ لكم ذُنُوبَكم".
أخرَجَهُ أبُو طاهِرٍ المُخلِّصُ في "الفوائد"(ج ١٠/ ق ٢٥٠/ ١) قال: حدَّثَنا يحيى - هو ابنُ صاعِدٍ -، حدَّثَنا يحيى بنُ خِذامٍ في مَسجِدِ الجامِع بالبَصرة في سنة خمسين ومِئَتَين، حدَّثَنا مُحمَّدُ بنُ عبد الله بن زيادٍ أبُو سَلَمة الأنصاريُّ، حدَّثنا مالِكُ بنُ دينارٍ، عن أنَس بن مالِكٍ.
قال الغُمارِيُّ في "المُداوِي"(٣/ ٤٢٦)، وهو يَرُدُّ على المُناوِيِّ:"فإنَّ الحديثَ رُوي عن أنسٍ بسندٍ نظيفٍ، مِن غير طريق ابن خِراشٍ … - ثُمَّ ساق إسنادَ المُخلِّص هذا، ثمَّ قال: - وأبُو سَلَمَة الأنصاريُّ ضعيفٌ".413.
قلتُ: كذا قال! ولا يَستَقيم أن يكون الإسنادُ نظيفًا مع ضعف أحد رُواتِهِ. وحتَّى لو التَمَسنا العُذرَ للغُمارِيِّ وقُلنا:"إنَّه حَكَمَ بنَظافَتِه مُقارَنَةً بحديثِ خِراشٍ مولَى أنَسٍ؛ فإنَّه ساقطٌ" فإنَّه لَم تَجرِ عادَةُ العُلماء أن يُصرِّحُوا بنظافَة الإسناد، إنَّما يقُولُون:"هذا إسنادٌ ساقطٌ، والآخر ضعيفٌ" فقط. ولَو تَسامحَنا على إغماضٍ، وسلَّمنا بهذا الاصطلاحِ فإنَّ أبا سلَمَة الأنصاريَّ ليس ضعيفًا فقط، ولكنَّه واهٍ ..
قال ابنُ حِبَّان في "المَجروحِين"(٢/ ٢٦٦): "مُنكَرُ الحديث جدًّا.
يَروِي عن الثِّقات ما ليس مِن حديثِهِم. لا يَجُوزُ الاحتِجاجُ به حالٍ" ..
وقال العُقَيليُّ في "الضُّعفاء"(٥/ ٣٠٩): "مُنكَر الحديث" ..
وقال الحاكِمُ:"يَروِي أحاديثَ موضوعةً" ..
وكذَّبَهُ ابنُ طاهرٍ ..
قال الذَّهبِيُّ في "الميزان": "وله طامَّاتٌ … - ثُمَّ قال: - رَوَى بِقِلَّةِ حياءٍ، عن حُميدٍ الطَّويل، عن أنَسٍ".
والرَّاوِي عنه، يحيى بنُ خِذامٍ. مِن شُيوخ ابن ماجَهْ. ذَكَره ابنُ حِبَّان في "الثِّقات"(٩/ ٢٦٦)، وليس فيه توثيق آخرُ مُعتَبرٌ.
وَنَقَل المِزِّيُّ في "تَهذيبه"(٣١/ ٢٩١) عن الحاكِم أبي أحمد، أنَّه قال في "الكُنَى" في ترجَمة أبي سَلَمَة الأنصارِيِّ هذا.: "روَى عنه يحيَى بنُ خِذامٍ، عن مالِك بن دينارٍ أحاديثَ مُنكَرَةً. فالله أعلم: الحملُ فيه على أبي سَلَمَة، أو على ابن خِذامٍ" انتهَى.
• قلتُ: وتَعصيبُ الجِنايَة بالأضعَف هو اللَّائقُ، وقد ذَكَرنا لك فيما،ص:415.
مَضَى حالَ أبي سَلَمَة الأنصاريِّ.
وقد عَرَفتَ على كُلِّ حالٍ أن الإسنادَ ضعيفٌ جدًّا، لا يَجُوزُ أن يُقال فيه "نظيفٌ" ولا ما يُقاربُهُ.
وقد رُوي عن أنسٍ مِن وجه آخر ..
ذَكَرَه ابنُ عَدِيٍّ في "الكامِل"(٣/ ٩٤٥) عن أبي سَعيدٍ الحسن بن صالح بن زكريَّا بن يحيى بن صالح بن زُفَرَ العَدَوِيِّ، قال: مررتُ بالبَصرة بأبي عُثمانَ بن أبي العاص الثَّقَفِيِّ، فإذا النَّاسُ مُجتَمِعون في مَنخَل طحَّانٍ عَلَى رجُلٍ، فمِلتُ إليه كما يَنظُرُ الغِلمان، فإذا أنا بهذا الشَّيخ، فقلتُ:"مَن هذا؟ "، فقالُوا:"خِراشُ بنُ عبد الله، خادِمُ أنَس بن مالكٍ"، قلتُ:"كم له مِن سنةٍ؟ "، قالوا:"ثمانون ومئةٌ"، فزَحَمتُ النَّاسَ، فدَخَلتُ إليه، وبين يديه جماعَةٌ يكتُبُون عنه والباقي نَظَّارةٌ، فأخذتُ قَلَمًا مِن يد رجُلٍ وكَتَبتُ هذه الأربعةَ عشر حديثًا في أسفل نَعِلي، وذلك في سنة اثنين وعِشرين ومئتين، وأنا ابنُ اثنتي عشرة سنةً. قال: ثنا خِراشٌ، ثنا مَولاي أنَسُ بنُ مالكٍ، قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "حياتي خيرٌ لكُم، وموتي خيرٌ لكم. أمَّا حَياتِي فأُحَدِّثُ لكُم، وأمَّا موتي فتُعرَضُ عليَّ أعمالُكُم عَشِيَّة الاثنَين والخميسٍ، فما كان مِن عملٍ صالحٍ حمدتُ اللّه عليه، وما كان مِن عملٍ سيِّءٍ استغفرتُ لكم".
وعزاه شيخُنا - رحمه الله - في "الضَّعيفة"(٩٧٥) إلى أبي مَنصورٍ الجَربَاذْقَانِيِّ في "الثَّاني من عروس الأجزاء"(ق ٢/ ١٣٩)، وعبدِ القادر بن مُحمَّدٍ القُرشيِّ الحَنَفِيِّ في "جزءٍ له"(٢/ ٢).ص:416.
قال ابنُ عَدِيٍّ بعدما رَوَى نُسخةً لخِراشٍ هذا:"قرأتُ هذه الأحاديثَ في المُحرَّم سنة سِتِّين وثلاثمئة. وخِراشٌ هذا مجهُولٌ ليس بمَعرُوفٍ، وما أعلَم حدَّثَ عنه ثقةٌ أو صَدُوقٌ، إلَّا الضُّعَفاء. وهذه الأحاديثُ عن أنسٍ عامَّةُ مُتُونِها صالحِةٌ، قد رُوي مِن غَير هذا الوَجه في بعض هذه المُتون مَنَاكيرُ، فإذا لم يُعرَف الرَّجُلُ وكان مجَهُولًا، كان حديثُهُ مثلَهُ. والعَدَوِيُّ هذا كُنَّا نتَّهِمُهُ بوضع الحديث، وهو ظاهرُ الأمر في الكَذِب".
وقال ابنُ حِبَّان (١/ ٢٤١) في تَرجَمة الحسن بن علي العَدَويِّ هذا: "مِن أهل البَصرة. سَكَن بغدَادَ. يَروِي عَن شُيوخِ لم يَرَهُم، ويَضَعُ على مَن رآهُم الحديثَ. كان ببغدادَ في أحياءِ أيَّامِنا، فأَردتُ السَّماعَ منه للاعتبار، فأخذتُ جُزءًا مِن حديثِهِ، فرأيتُهُ حدَّث عن أبي الرَّبيع الزَّهرانِيِّ، ومحُمَّد بن عبد الأعلَى الصَّنعانيِّ، قالا: ثنا عبدُ الرَّزَّاق، أنبأ معمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن عُروة، عن عائِشَة، عن أبي بكرٍ الصِّدِّيق، قال: قال رسُولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "النَّظَر إلى وجه عليٍّ - عَليه السلام - عبادةٌ"، وهذا شيءٌ لا يشُكُّ عوامُّ أصحاب الحديث أنَّه موضوعٌ، ما رَوَى الصِّدِّيقُ هذا الخَبَر قطُّ، ولا الصِّدِّيقةُ رَوَته، ولا عُروةُ حدَّث به، ولا الزُّهرِيُّ ذَكَره، ولا مَعمَرٌ قالَه. فمَن وَضَع مثل هذا على الزَّهرانِيِّ والصَّنعانِيِّ - وهُما مُتقِنا أهل البَصرة - لَبِالحرِيِّ أن يُهجَر في الرِّوايات. وروَى عن أحمدَ بن عَبدة الضَّبِّيِّ، عن ابن عُيَينة، عن أبي الزُّبير، عن جابرٍ، قال: "أَمَرَنا رسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أن نَفرِض على أولادَنا حُبَّ عليِّ بن أبي طالِبٍ"، وهذا أيضًا باطلٌ، ما أَمرَ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بهذا مُطلَقًا، ولا جابِر قالَهُ، ولا أبو الزُّبَير رواه، ولا ابنُ عُيَينة حدَّث به، ولا أحمدُ بنُ عَبدَة ذكره بهذا الإسناد، فالمُستمِعُ لا يشُكُّ أنَّه موضوعٌ. فلَم أذهَب لهذا الشَّيخ، ولا سمعتُ منه شيئًا. ثُمَّ تتبَّعتُ عليه ما حدَّث به، فلقيتُهُ قد حدَّث عن الثِّقات بالأشياء المَوضوعات ما تزيدُ على ألف حديثٍ، سوى المَقلوباتِ، أكرَه ذِكرَها كراهية التَّطويل" انتهَى.
• قلتُ: فحديثُ أنسٍ - رضي الله عنه - ساقطٌ عن حدِّ الاعتبارِ به لشِدَّة ضعفِهِ.
وله شاهِدٌ مُرسَلٌ ..
أخرَجَه ابنُ سعدٍ في "الطَّبقات" (٢/ ١٩٤) قال: أخبَرَنا يُونُسُ بنُ مُحَمَّدٍ المؤدِّبُ ..
وإسماعيلُ القاضي في "فضل الصَّلاة على النَّبيِّ" (٢٥) قال: حدَّثَنا سُلَيمانُ بنُ حربٍ، قالا: ثنا حمَّادُ بنُ زيدٍ، قال: ثنا غالبٌ القطَّانُ، عن بَكر بن عبد اللّه المُزَنِيِّ، قال: قال رسولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "حَياتِي خيرٌ لكم؛ تُحدِثُون ويُحدَثُ لكم. فإذا أنا مِتُّ كانت وفاتي خيرًا لكم؛ تُعرَضُ عليَّ أعمالُكُم، فإن رأيتُ خيرًا حمدتُ الله، وإن رأيتُ غير ذلك استغفرتُ الله لكم".