قد أُشكل عليَّ حديثٌ في الرُّقية من احتباس البَوْل: هل الاختلافُ الواقعُ فيه يضرُّه من جِهة صِحَّته أم لا؟

قد أُشكل عليَّ حديثٌ في الرُّقية من احتباس البَوْل: هل الاختلافُ الواقعُ فيه يضرُّه من جِهة صِحَّته أم لا؟

اللفظ / العبارة' قد أُشكل عليَّ حديثٌ في الرُّقية من احتباس البَوْل: هل الاختلافُ الواقعُ فيه يضرُّه من جِهة صِحَّته أم لا؟
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي لا يثبت
القسم المناهي العملية
Content

- سألني سائلٌ، فقال: قد أُشكل عليَّ حديثٌ في الرُّقية من احتباس البَوْل: هل الاختلافُ الواقعُ فيه يضرُّه من جِهة صِحَّته أم لا؟

• قلتُ: هذا الحديثُ لا يَثبُتُ.

فهذا الحديثُ أخرَجَهُ النَّسَائِيُّ في "اليوم واللَّيلة" (١٠٣٨)، والحاكمُ (٤/ ٢١٨ - ٢١٩) عن سعيد بن الحَكَم بن أبي مريم ..

وأبو داوُد (٣٨٩٢)، ومن طريقه اللَّالَكَائِيُّ في "شرح الاعتقاد" (٦٤٨)، وابنُ حِبَّان في "المجروحين" (١/ ٣٠٨)، وابنُ عَدِيٍّ في "الكامل" (٣/ ١٠٥٤) عن مُحمَّد بن الحَسَن بن قتيبة، قالا: ثنا يزيدُ بنُ خالد بن مَوْهَب ..

والحاكمُ (١/ ٣٤٣ - ٣٤٤) عن يحيى بن بُكير ..

وابنُ عَدِيٍّ (٣/ ١٠٥٤) عن خالد بن قاسمٍ ..

والطَّبَرانِيُّ في "الأوسط" (٨٦٣٦) عن عبد الله بن صالح، قالوا: ثنا اللَّيثُ بنُ سعدٍ، قال: حدَّثَني زِيَادَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الأنصاريُّ، عن مُحمَّد بن كعبٍ القُرَظِيِّ، عن فَضَالةَ بن عُبيدٍ، عن أبي الدَّرداء، أنَّه أتاه رجلٌ فذَكَر له أنَّه احتبَسَ بَوْلُه، فأصابته حصاةُ البَوْل، فعلَّمَهُ رُقيةً سَمِعَها من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ربَّنا الله الذي في السَّماء، تَقَدَّس اسمُك، أَمرُك في السَّماء والأرض، كما رحمتُك في السَّماء، فاجعل رحمتَك في الأرض، واغفر لنا ،ص:442.

وقال ابنُ عَدِيٍّ: "لا أَعرِف له إلَّا مقدارَ حديثين أو ثلاثة، ومقدارُ مَا لَهُ لا يُتابَع عليه".

والرَّجل إذا كان قليلَ الحديث، ومع ذلك لا يُتابَعُ على رواياته فهو مَتروكٌ، وبهذا حَكَم البُخاريُّ وغيرُهُ.

وله إسنادٌ آخرُ.

أخرَجَهُ النَّسَائِيُّ في "اليوم واللَّيلة" (١٠٣٥) قال: أخبَرَنا عبدُ الحميد بنُ مُحَمَّدٍ، قال: ثنا مخَلدٌ، قال: حدَّثَنا سُفيانُ، عن منصورٍ، عن طَلْقٍ، عن أبيه، أنَّه كان به الأسرُ فانطلق إلى المدينة والشَّام يَطلُب من يُدَاوِيه، فلقي رجلًا، فقال: ألا أُعَلِّمُك كلماتٍ، سَمِعتهنَّ من رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "ربَّنا اللّهَ الذي في السَّماء، تقدَّس اسمُك، أَمَرُك في السَّماء والأرض. كما رحمتُك في السَّماء، اجعل رحمتَك في الأرض. اغفر لنا حَوْبَنَا وخطايانا. أنت ربُّ الطَّيِّبِين، أَنزِل رحمةً من رحمتك، وشفاءً من شفائك على هذا الوجع فيبرأ".

والأَسْرُ، هو احتباس البَوْل.

ووالد طَلْق بن حبيبٍ لا صُحبة له.

وقد رواه شعبةُ بنُ الحَجَّاج، قال: أخبَرَني يُونُسُ بن خبَّابٍ، قال: سمعتُ طلقَ بنَ حبيبِ، عن رَجُلٍ من أهل الشَّام، عن أبيه، أن رجُلًا أتى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان به الأسرُ … الحديث.

أخرَجَهُ النَّسَائِيُّ أيضًا (١٠٣٦).

وصحَّح الحافظُ في "الإصابة" (١/ ٣١٠) هذه الرواية، وَوَهَاؤُها،ص:444.

ظاهرٌ؛ فيُونُس بنُ خبَّابٍ، فيه مقالٌ مشهور. وفي الإسناد مجهُولَان.

وليس المقصُودُ من تصحيح الحافظ لهذا الوجه أنَّه صحيحٌ، فإنَّ ضعف السَّنَد أو وهاءَه، لا يَخفَى على صِغار الطَّلَبة، فضلًا عن الحافظ وهو العَلَمُ المُفرَدُ، وإنَّما معناه أنَّه أولى بالتَّصويب من الوجه الآخر، لا أنَّه صحيحٌ، وهذه جادَّةٌ مطروقةٌ عند عُلماء الحديث، فيَذكُرُون حديثًا ما وقع فيه اختلافٌ، وكلُّ أسانيدِه لا تَثبُت، فيقولون عن وجهٍ منها: "هذا أصحُّ شيءٍ"، ويَعنُون أقلَّه ضعفًا، فهو بالنِّسبة لما هو أضعفُ منه يُعدُّ صحيحًا، لا أنه صحيحٌ في نفسه، كما تقول أنت إذا مدحت رجُلًا: "أعورُ بين عِميانَ"، فلا شكَّ أن الأعورَ أصحُّ من الأعمى، وإن كان الأعورُ مَعِيبًا بذلك في نَفسِه إذا قيس بالصَّحيح.

وبالجُملة فلا يَثبُت هذا الحديث.

واللهُ أعلَمُ.

كتاب إسعاف اللبيث،ج:3،ص:444.


Loading...