حكم قول الفاتحة زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم.

حكم قول الفاتحة زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم.

اللفظ / العبارة' حكم قول الفاتحة زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم.
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي بدعة
القسم المناهي اللفظية
Content

وقول بعضهم: ((الفاتحة: زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم -)) أي: اقرؤوا الفاتحة ليزداد شرفاً - صلى الله عليه وسلم - وهذا إهداء غير مشروع كما تقدم؛ لعدم الدليل عليه، لكن يبقى الدعاء بزيادة شرف النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل هو أمر مطلوب محمود أم الأولى تركه؟

مثل قولهم: زاده الله شرفاً. زاده الله فضلاً وشرفاً. ونحوهما.

فإن ابن حجر الهيتمي المتوفى سنة (٩٧٤ هـ) ، سُئِل عن هذا فأجاب مطولاً؛ ولما في كلامه من فوائد أنقله بطوله:

(( [مطلب: على أن لا محذور في طلب زيادة شرفه - صلى الله عليه وسلم -] وسُئِل - نفع الله بعلومه وبركته -: في رجل قال: الفاتحة زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رجل من أهل العلم: لا تعد إلى هذا الذي صدر منك تكفر، فهل الأمر كذلك؟ وهل يجوز هذا الإنكار والحكم على القائل بالكفر؟ وما يلزم المنكر؟

فأجاب - متَّع الله بحياته - بقوله: لم يصب هذا المنكر في إنكاره ذلك وهو دال على قلة علمه وسوء فهمه، بل وعلى قبيح مجازفته في دين الله تعالى وتهوّره بما قد يؤول به إلى الكفر والعياذ بالله؛ إذْ من كفَّر مسلماً بغير موجب لذلك كفر، على تفصيل ذكره الأئمة رضي الله عنهم، فإنكاره هذا: إما حرام أو كفر، فالتحريم محقق والكفر مشكوك فيه، إذ لم يتحقق شرطه، فعلى حاكم الشريعة المطهرة أن يبالغ في زجر هذا المنكر بتعزيره بما يليق به في عظيم جراءته على الشريعة المطهرة وكذبه عليها بما لم يقله أحد من أهلها، بل صرّح بعض أئمتنا بخلافه بل الكتاب والسنة دالان على أن طلب الزيادة له - صلى الله عليه وسلم - أمر مطلوب محمود قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} .

وروى مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعائه: ((واجعل الحياة زيادة لي في كل خير)) ، وطلب كون الفاتحة أو غيرها زيادة في شرفه طلب لزيادة علمه وترقيه في مدارج كمالاته العلية، وإن كان كماله من أصله قد وصل إلى الغاية التي لم يصل إليها كمال مخلوق، فعلم أن كلاً من الآية الشريفة والحديث الصحيح دال على أن مقامه - صلى الله عليه وسلم - وكماله يقبل الزيادة في العلم والثواب وسائر المراتب والدرجات، وعلى أن غايات كماله لا حد لها ولا انتهاء بل هو دائم الترقي في تلك المقامات العلية والدرجات. السنية بما لا يطلع عليه كنهه إلا الله تعالى؛ وعلى أن كماله - صلى الله عليه وسلم - مع جلالته لاحتياجه إلى مزيد ترقٍ واستمداد من فيض فضل الله وجوده وكرمه الذاتي الذي لا غاية له ولا انتهاء، وعلى أن طلب الزيادة لا يشعر بأن ثم نقصاً إذ لاشك أن علمه - صلى الله عليه وسلم - أكمل العلوم، ومع ذلك فقد أمره الله بطلب زيادته، فلنكن نحن مأمورين بطلب زيادة ذلك له - صلى الله عليه وسلم -، وقد ورد أيضاً أمرنا بذلك فيما يندب من الدعاء عند رؤية الكعبة المعظمة إذ فيه: ((وزد من شرفه وعظمه وحجه واعتمره تشريفاً)) إلى آخره، وهو - صلى الله عليه وسلم - كسائر الأنبياء الذين حجوا البيت - وهم كل الأنبياء إلا فرقة قليلة منهم على الخلاف في ذلك - داخل فيمن شرفه وعظمه وحجه واعتمره، وإذا علم دخولهم في ذلك العموم من دلالة العام ظنية أو قطعية على الخلاف فيه؛ عُلِم أنَّا مأمورون بطلب الدعاء له - صلى الله عليه وسلم - ولغيره من الأنبياء المذكورين بزيادة التشريف والتكريم؛ وأن الدعاء بزيادة ذلك له - صلى الله عليه وسلم - أمر مندوب مستحسن.

معجم المناهي اللفظية ،ص:395إلى 396.

(٢) (الفاتحة زيادة في شرف النبي صلى الله عليه وسلم: الفتاوى الحديثية ص/ ١٢ - ١٤.

Loading...