" من توضأ ومسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة ".
موضوع.
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (٢ / ١١٥) : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد: حدثنا عبد الرحمن بن داود حدثنا: عثمان بن خرزاذ: حدثنا عمرو بن محمد بن الحسن المكتب: حدثنا محمد بن عمرو بن عبيد الأنصاري عن أنس بن سيرين عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه ويقول: فذكره مرفوعا.
أورده في ترجمة عبد الرحمن بن داود هذا وهو أبي محمد الفارسي وقال فيه: " كان من الفقهاء كثير الحديث "، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولم أجده عند غيره. وشيخه محمد بن أحمد بن محمد هو إما أبو بكر المعدل فهو ثقة أمين كما قال أبو
نعيم في ترجمته (٢ / ٩٠٠) ، وإما أبو عثمان بن أبي هريرة قال في ترجمته (٢ / ٢٩٦) : " أحد العباد والأخيار، سمع الكثير صاحب أصول وكتب كثيرة ". والأقرب الأول. والله أعلم.
وبعد كتابة ما تقدم رأيت ابن عراق قال في " تنزيه الشريعة " بعد أن ساق الحديث عن أبي نعيم: " وفيه أبو بكر المفيد شيخ أبي نعيم، قال الحافظ العراقي: وهو آفته ". قلت: وهذا متهم كما قال الذهبي وتبعه الحافظ ابن حجر في " اللسان ". وقد كنت ذكرت عند حديث " مسح الرقبة أمان من الغل " رقم (٦٩) أنه محمد بن أحمد بن علي المحرم، والآن رجعت عنه لما وقفت على إسناد الحديث عند أبي نعيم، وإنما أو قعني في ذلك الخطأ
أنني كنت نقلته بواسطة الحافظ ابن حجر وهو لم يذكر في سند الحديث اسم جد هذا الشيخ، فلما وقفت عليه عند أبي نعيم إذا باسم جده (محمد) ، فتيقنت أنه ليس ذلك المحرم، ص:167.
فهو أحد هؤلاء الثلاثة الذين ذكرتهم هنا، وقد رأيت أن الحافظ العراقي جزم بأنه أبو بكر المفيد، وهو حجة في هذا العلم. فالعمدة عليه في تعيين الرجل. والله أعلم. وفي السند رجل آخر ضعيف جدا، وهو محمد بن عمرو
بن عبيد الأنصاري وهو بصري، وقد حكيت أقوال العلماء في تضعيفه هناك.
وقد تبين لي الآن علة ثالثة وهي عمرو بن محمد بن الحسن ترجمه الخطيب فقال (١٢ / ٢٠٤) : " هو الزمن المعروف بالأعسم، بصري سكن بغداد ". ثم روى عن الدارقطني أنه قال فيه:" منكر الحديث " وفي رواية أخرى عنه: " كان ضعيفا كثير الوهم ". وفي " اللسان ": " قال الحاكم: ساقط روى أحاديث موضوعة عن قوم لا يوجد في حديثهم منها شيء ". وذكر عن ابن حبان والنقاش نحوه. قلت: فتعصيب التهمة به في هذا الحديث أولى من تعصيبها بشيخ أبي نعيم، لأنه فوقه في السند، وأوهى منه، والله أعلم.