ليعلم أن هذه الكلمة ((قانون)) يونانية الأصل، وقيل: فارسية، دخلت إلى العربية عن طريق السريانية، وكان معناها الأصلي ((المسطرة)) ثم أصبحت تعني ((القاعدة الكلية)) التي يتعرف منها أحكام جزئياتها. وهي اليوم تستعمل في اللغات الأجنبية بمعنى ((التشريع الكنسي)) وهي في البلاد العربية تستعمل بمعنى ((القاعدة)) لكل شيء، ثم توسع في استعمالها في الاصطلاح القانون بمعنى ((جامع الأحكام القانونية)) ، فهو عبارة عن مجموعة الأوامر والنواهي الواجب الالتزام بها في البلاد.
والقوانين الوضعية متعددة بتعدد واضعها، ومنها ما هو قديم كقانون حمورابي، والقانون الروماني، ومنها ما هو حديث كالقانون الفرنسي والألماني، والبلجيكي، والإنجليزي، والأمريكي، والإيطالي، والسويسري.... وتسمى في اصطلاح المسلمين ((القوانين الوضعية)) تمييزاً للشريعة الإسلامية عنها، إذ هي من عند الله تبارك وتعالى، أما القوانين فهي من وضع البشر واختلاقهم.
وعليه فإن هذه اللفظة ((قانون)) وافدة على مصطلحاتنا، وقد انتزع بسببها ((النص الشرعي)) و ((قول الله تعالى)) و ((قول رسوله - صلى الله عليه وسلم -)) و ((الشريعة)) و ((الشرع الإسلامي)) .
وانتشارها لدى بعض علماء المسلمين، وتسمية بعض مؤلفاتهم بها لا يبررها.
وفي بحث للشيخ أبي شهبة - رحمه الله تعالى - بعنوان:((فضل الشريعة الإسلامية على الشرائع السماوية السابقة، والقوانين الوضعية)) قال فيها:
(أما القوانين فهي من وضع البشر، ولفظ ((القانون)) أو ((القوانين)) عند الإطلاق ينصرف إليها. ولا يجوز أن يطلق عليها شرائع كما يفعل المسلمون ورجال القانون اليوم في مؤلفاتهم ومحاضراتهم، وكذلك لا يجوز ولا ينبغي أن نطلق على التشريعات الإسلامية اسم ((القوانين)) مهما كان من توافر حسن النية؛ لما في هذا التعبير من اللبس والإبهام) اهـ.
انظر: مجلة مجمع اللغة العربية بمصر ١٩/ ٦٧ - ٦٨. وفلسفة التشريع في الإسلام للمحمصاني ص/ ١٦ - ١٨، وتاج العروس للزبيدي ٩/ ٣١٥، ولسان العرب ٧/ ٢٢٩، والقاموس ٤/ ٢٦١، ٢٦٩. وندوة محاضرات رابطة العالم الإسلامي لعام ١٣٩٤ هـ. ص/ ١٧ - ٣٢. وكتابي: التقنين والإلزام.