التبول قائما

التبول قائما

اللفظ / العبارة' التبول قائما
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي مكروه
القسم المناهي العملية
Content

[التبول قائما]

وأما قوله: (نهى أن يبول الرجل وهو قائم) .

فهذا على معنيين:

أحدهما: أنه إذا بال قائما لم يؤمن من أن يصيبه من النضح، وقال صلى الله عليه وسلم (استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه) وروى أنه مر بقبر، فقال: (أتسمعون ما أسمع؟) ، قالوا: لا يا رسول الله؛ فقال: (لولا تمريغ في قلوبكم، وتزبيد في حديثكم لسمعتم ما أسمع، إن صاحب القبر أقعد فضرب فصاح صيحة تسمع من الخافقين، وتطاير كل عضو منه ثم عاد إلى مكانه) . قيل: يا رسول الله، في ماذا؟ قال: (في البول) .

قال: وذكر لنا أنه لما وضع سعد بن معاذ الأنصارى رضى الله عنه، الذى اهتز العرش لوفاته، في قبره تضايق عليه قبره؛ فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (لقد تضايق على هذا العبد الصالح حفرته، ثم فرج عنه) .

قيل: يا رسول الله، مم ذاك؟ فقال: (كان يقصر في بعض طهوره) وذلك أن القوم كانوا لا يستنجون بالماء، ويكتفون بالأحجار. وكان عهدهم بذلك الأمر كذلك. فلما ظهر الاستنجاء كانوا يفعلون ولا يفعلون.

فشأن البول عظيم؛ وإنما صار عندنا كذلك؛ لأن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة، وجد العدو سبيلا إلى جوفه، فاستقر عند المعدة؛ فلذلك ما خرج من أسفل البدن صار حدثا، وكان ذلك الشيء نجسا. وما خرج من أعلى البدن مثل الدموع والنخاعة والمخاط كان طاهرا ولم يكن طهوره حدثا. فما كان في جوف ابن آدم مما يلى مستقره ينجس بنجاسته وكفره.

وإذا بال قائما لم يؤمن من النضح، وكان النبى صلى الله عليه وسلم: (يرتاد ويتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله) .

حدثنا بذلك صالح بن عبد الله، حدثنا حماد بن زيد، عن واصل مولى أبى عيينه، عن يحيى بن عبيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.

وكان إذا وجد مكانا أو موضعا يتمكن فيه بال قائما؛ فقد روى عنه صلى الله عليه وسلم، من وجوه كثيره: أنه قد فعل ذلك.

ثم روى عنه: أنه كره ذلك.

ففعله عندنا ذلك في تلك المواضع التى إذا بال فيها قائماً كان أنزه له، وتركه لذلك في المواضع التى إذا بال فيها قاعدا كان أنزه له. ولا نظن به صلى الله عليه وسلم غير ذلك. وروى عنه: أنه مر بسباطة قوم فبال قائما.

فهذا ما قلناه إنه لما أمن من النضج لم يعبأ بالقيام.

وعله أخرى: أن القيام حال غير متمكن، ومادام قائما فإن العروق قائمة بقيام البدن، والقلب منتصب، ومجمع العروق عند القلب، فما دام القلب منتصباً فالعروق كذلك، فإذا قعد استرخت العروق؛ ألا ترى أنك تجد عن البول استرخاء القلب. وما دام لا يسترخى لا يقدر أن يبول. وإذا أراد أن يمسكه إنما يمسكه بالقلب؛ لأن مجمع العروق هنالك يصرر حتى يستمسك. فإذا قعد على قدميه كان سبيل البول أوسع، وجريه أسهل؛ لا سترخاء القلب وتخلية التصرير. فهذا غير مدفوع.

الصفحات : 37 ,38 ,39, 40

كتاب المناهيات

Loading...