قال القرطبي - رحمه الله تعالى - في تفسيره عند قوله تعالى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الحجر:٧٢] .
(كره كثير من العلماء أن يقول الإنسان: لعمري؛ لأن معناه: وحياتي. قال إبراهيم النخعي: يكره للرجل أن يقول: لعمري؛ لأنه حلف بحياة نفسه، وذلك من كلام ضعفة الرجال، ونحو هذا قال مالك: إن المستضعفين من الرجال، والمؤنثين: يقسمون بحياتك وعيشك، وليس من كلام أهل الذكران، وإن كان الله سبحانه أقسم به في هذه القصة، فذلك بيان لشرف المنزلة والرفعة لمكانه، فلا يحمل عليه سواه، ولا يستعمل في غيره.
وقال ابن حبيب: ينبغي أن يصرف: لعمرك، في الكلام لهذه الآية. وقال قتادة هو من كلام العرب. قال ابن العربي: وبه أقول، لكن الشرع قد قطعه في الاستعمال ورد القسم إليه.
قلت: القسم بـ لعمرك، و: لعمري، ونحوه في أشعار العرب وفصيح كلامها كثير. قال النابغة:
لعمري وما عمري عليَّ بهين لقد نطقت بطلاً علي الأفارع
..... وآخر:
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان وقال بعض أهل المعاني:لا يجوز هذا؛ لأنه لا يقال:لله عمر، وإنما هو أزلي. ذكره الزهراوي) انتهى.
وابن القيم - رحمه الله تعالى - قد استعملها في مواضع من كتبه كقوله في روضة المحبين:
(ولعمري لقد نزع أبو القاسم السهيلي بذنوب صحيح) اهـ.
وفي (زاد المعاد) :
(ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد - صلى الله عليه وسلم -) اهـ.
وللشيخ حماد الأنصاري المدني رسالة باسم (القول المبين في أن لعمري ليست نصاً في اليمين) .
والتوجيه أن يقال: إن أراد القسم منع، وإلا فلا، كما يجري على اللسان من الكلام مما لا يراد به حقيقة معناه، كقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: ((عقرى حلقى)) الحديث. والله أعلم.