الاحتراز عن البدع في الاحتفال بقراءة المولد النبوي:
جرت عادة أكثر المسلمين أن يحتفلوا الليلة الثانية عشرة من1 ربيع الأول بتلاوة قصة مولده صلى الله عليه وسلم ذهابًا إلى أن في مثل تلك الليلة ولد خاتم الأنبياء صلوات الله عليه -وهو قول من أقوال عديدة- وقد شدد النكير الإمام ابن الحاج في المدخل على ما حدث في مجامع قراءة المولد من المنكرات وأطال في بيان محاذيرها فلتراجع. ورأيت في فتاوى شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية أنه سئل عليه الرحمة فيمن يعمل كل سنة ختمة في ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم هل ذلك مستحب أم لا فأجاب بعد الحمدلة:"جمع الناس للطعام في العيدين وأيام التشريق سنة، وهو من شعائر الإسلام التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين، وإعانة الفقراء بالإطعام في رمضان هو من سنن الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائمًا فله مثل أجره" 2. وأعطاء فقراء القراء ما يستعينون به على القرآن عمل صالح في كل وقت ومن أعانهم على ذلك كان شريكهم في الأجر. وأما أتخاذ موسم غير المواسم الشرعية لبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال لها ليلة المولد أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي تسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحسنها السلف ولم يفعلوها". ا. هـ.
وقال عليه الرحمة في فتوى أخرى له في آخرها ما مثاله: "فأما الاجتماع في عمل المولد على غناء ورقص ونحو ذلك واتخاذه عبادة فلا يرتاب أحد من أهل العلم والأيمان أن هذا من المنكرات التي ينهى عنها ولا يستحب ذلك إلا جاهل أو زنديق. وأما الاجتماع على قراءة وذكر فضائل النبي صلى الله عليه وسلم فهذا من فعله قصدًا لتعظيمه ومحبته فإنه يثاب على قصده الحسن ونيته لفعل الخير. ا. هـ.
وقد ذكرت في خاتمة "الشذرة" التي جمعتها في السيرة المحمدية1 أصل قصة المولد ولزوم نقد آثارها والتحذير من البدع في مجامع تلاوتها وتاريخ من ابتدع الاحتفال بالمولد، فليراجعها من شاء.
1 قلت: والأصح أنه ولد صلى الله عليه وسلم في التاسع من ربيع الأول، كما حققه بعض العلماء المعاصرين. "ناصر الدين".
2 حديث صحيح وهو مخرج في "المشكاة" "١٩٩٢" وقد صححه ابن خزيمة "١، ٢١٣: ١" وابن حبان "٨٩٥".