تسميته بالسمود.

تسميته بالسمود.

اللفظ / العبارة' تسميته بالسمود.
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

تسميته بالسمود.

وأما تسميته بالسمود.

فقد قال تعالى: {أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: ٥٩-٦١] .

قال عكرمة عن ابن عباس "السمود: الغناء فى لغة حمير". يقال: اسمُدى لنا، أى غنى لنا، وقال أبو زبيد:

وكَأَنَّ العَزِيفَ فِيهَا غِنَاءٌ ... لِلنَّدَامَى مِنْ شَارِبٍ مَسْمُودِ

قال أبو عبيدة: "المسمود: الذى غنى له"، وقال عكرمة: "كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا، فنزلت هذه الآية".

وهذا لا يناقض ما قيل فى هذه الآية من أن السمود الغفلة والسهو عن الشئ، قال المبرد: هو الاشتغال عن الشئ بهمّ أو فرح يتشاغل به، وأنشد:

رَمَى الْحَدَثَانُ نِسْوَةَ آلِ حرْبٍ ... بمِقْدَارٍ سَمَدْنَ لهُ سُمُودَا

وقال ابن الأنبارى: السامد اللاهى، والسامد الساهى، والسامد المتكبر، والسامد القائم.

وقال ابن عباس فى الآية: "وأنتم مستكبرون". وقال الضحاك: "أشرون بطرون"، وقال مجاهد: "غضاب مبرطمون"، وقال غيره: "لاهون غافلون معرضون".

فالغناء يجمع هذا كله ويوجبه.

فهذه أربعة عشر اسما سوى اسم الغناء.

فصل

فى بيان تحريم رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الصريح لآلات اللهو والمعازف وسيأتى الأحاديث فى ذلك.

عن عبد الرحمن بن غَنْم قال: حدثنى أبو عامر، أو أبو مالك الأشعرى رضى الله عنهما أنه سمع النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِى قَوْمٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ

والْحَرِيرَ وَالْخمَرَ وَالمَعَازِفَ".

هذا حديث صحيح، أخرجه البخارى فى "صحيحه" محتجاً به، وعلقه تعليقاً مجزوماً به، فقال: "باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه وقال هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا عطية بن قيس الكلابى حدثنى عبد الرحمن بن غنم الأشعرى حدثنى أبو عامر، أو أبو مالك الأشعرى والله ما كذبنى أنه سمع النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول:

"لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتى أقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والْحَرِيرَ وَالْخَمرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يأْتِيهِمْ لِحَاجَةٍ، فَيَقَوُلُوا اُرْجعْ إِلَيْنَا غَداً، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ تَعَالى وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وخنازير إِلى يوْمِ الْقِيَامَةِ".

ولم يصنع من قدح فى صحة هذا الحديث شيئاً، كابن حزم، نصرة لمذهبه الباطل فى إباحة الملاهى، وزعم أنه منقطع، لأن البخارى لم يصل سنده به.

وجواب هذا الوهم من وجوه: أحدها: أن البخارى قد لقى هشام بن عمار وسمع منه، فإذا قال "قال هشام" فهو بمنزلة قوله "عن هشام".

الثانى: أنه لو لم يسمع منه فهو لم يستجز الجزم به عنه إلا، وقد صح عنه أنه حدث به. وهذا كثيرا ما يكون لكثرة من رواه عنه عن ذلك الشيخ وشهرته. فالبخارى أبعد خلق الله من التدليس.

الثالث: أنه أدخله فى كتابه المسمى بالصحيح محتجاً به، فلولا صحته عنده لما فعل ذلك.

الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم، دون صيغة التمريض، فإذا توقف فى الحديث أو لم يكن على شرطه يقول: "ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر عنه"، نحو ذلك: فإذا قال: "قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم" فقد جزم وقطع بإضافته إليه.

الخامس: أنا لو أضربنا عن هذا كله صفحاً فالحديث صحيح متصل عند غيره.

قال أبو داود فى كتاب اللباس: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس قال: سمعت عبد الرحمن ابن غنم الأشعرى قال حدثنا أبو عامر أو أبو مالك، فذكره مختصراً. ورواه أبو بكر الإسماعيلى فى كتابه الصحيح مسنداً، فقال: أبو عامر ولم يشك.

ووجه الدلالة منه: أن المعازف هى آلات اللهو كلها، لا خلاف بين أهل اللغة فى ذلك. ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها، ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر والخزّ. فإن كان بالحاء والراء المهملتين، فهو استحلال الفروج الحرام. وإن كان بالخاء والزاى المعجمتين فهو نوع من الحرير، غير الذى صح عن الصحابة رضى الله عنهم لبسه. إذ الخز نوعان أحدهما: من حرير. والثانى: من صوف. وقد روى هذا الحديث بالوجهين.

وقال ابن ماجه فى "سننه": حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا معن بن عيسى عن معاوية بن صالح عن حاتم بن حريث عن ابن أبى مريم عن عبد الرحمن بن غنم الأشعرى عن أبى مالك الأشعرى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى الْخمْرَ،

يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالمَعَازِفِ وَالمُغَنَيِّاَتِ، يَخْسِفُ اللهُ بِهمُ الأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ قِرَدَةً وخنازير".

وهذا إسناد صحيح. وقد توعد مستحلى المعازف فيه بأن يخسف الله بهم الأرض، ويمسخهم قردة وخنازير. وإن كان الوعيد على جميع هذه الأفعال، فلكل واحد قسط فى الذم والوعيد.

وفى الباب عن سهل بن سعد الساعدى، وعمران بن حصين، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وأبى هريرة، وأبى أمامة الباهلى، وعائشة أم المؤمنين، وعلى بن أبى طالب، وأنس بن مالك، وعبد الرحمن بن سابط، والغازى بن ربيعة رضى الله عنهم.

ونحن نسوقها لتقربّها عيون أهل القرآن، وتشجى بها حلوق أهل سماع الشيطان.

فأما حديث سهل بن سعد، فقال ابن أبى الدنيا: أخبرنا الهيثم بن خارجة حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبى حازم عن سهل بن سعد الساعدى قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:

"يَكُونُ فِى أُمَّتِى خَسْفٌ وَقَذْفٌُ وَمَسْخٌ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى؟ قَالَ: إِذَا ظَهَرَتِ المَعَازفُ والْقَيْنَاتُ وَاسْتُحِلَّتِ الخْمرَةُ".

وأما حديث عمران بن حصين فرواه الترمذى من حديث الأعمش عن هلال ابن يساف عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "يكون فى أمتى قذف وخسف ومسخ، فقال رجل من المسلمين: متى ذاك، يا رسول الله؟ قال: إذا ظهرت القيان، والمعازف، وشربت الخمور" قال الترمذى: هذا حديث غريب.

وأما حديث عبد الله بن عمرو، فروى أحمد فى "مسنده" وأبو داود عنه أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "إِنّ اللهَ تَعَالى حَرَّمَ عَلَى أُمَّتِى الْخْمرَ وَالمَيْسِرَ والْكُوبَةَ وَالْغُبَيرَاءَ وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".

وفى لفظ آخر لأحمد: "إن الله حرم على أمتى الخمر والميسر والمزِر والكوبة والقِنِّين".



وأما حديث ابن عباس ففى المسند أيضاً: عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام" والكوبة الطبل. قاله سفيان وقيل: البربط، والقنين: هو الطنبور بالحبشية، والتقنين: الضرب به، قاله ابن الأعرابى.

وأما حديث أبى هريرة رضى الله عنه. فرواه الترمذى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:

"إِذَا اتُّخِذَ الْفَئُْ دُوَلاً، وَالأَمَانَةُ مَغْنَماً، والزَّكَاةُ مَغْرَماً، وَتُعُلَّمَ الْعِلْمُ لِغَيْر الدِّين، وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَعَقَّ أُمَّهُ، وأَدْنَى صَدِيقَهُ، وأُقْصَى أبَاهُ، وظَهَرَتِ الأصْوَاتُ فى المسَاجدِ، وسَادَ الْقَبيلَةَ فَاسِقُهُمْ، وَكانَ زَعِيمَ الْقَوْمِ أَرْذَلُهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مخَافَةَ شَرِّهِ، وَظَهَرَتِ الْقَيْنَاتُ وَالمَعَازِفُ، وشُرِبَتِ الْخَمْرُ، وَلَعَنَ آخِرُ هذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلهَا، فَلْيَرْ تَقِبُوا عِنْدَ ذلِكَ رِيحاً حَمْرَاءَ، وَزَلْزَلَةً وَخَسْفاً، وَمَسْخاً، وَقَذفاً، وآيَاتٍ تتابع كَنِظَامٍ بَالٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فَتَتَابَعَ".

قال الترمذى: هذا حديث حسن غريب.

وقال ابن أبى الدنيا: حدثنا عبد الله بن عمر الجشمى حدثنا سليمان بن سالم أبو داود حدثنا حسان بن أبى سنان عن رجل عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُمْسَخُ قَوْمٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ فى آخِر الزَّمَانِ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ. قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيْسَ يَشْهَدُونَ أَنْ لا إِلُهَ إِلا اللهُ، وَأَنّ مُحمَّداً رَسُولُ اللهِ؟ قَالَ: بَلَى، وَيصُومُونَ وَيُصَلُّونَ، وَيَحجُّونَ، قِيلَ: فَمَا بَالُهُمْ؟ قَالَ: اتَّخَذُوا المَعَازِفَ وَالدُّفُوفَ والْقَيْنَاتِ، فَبَاتُوا عَلَى شُرْبهِمْ وَلهْوِهِمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ مُسِخُواَ قِرَدَةً وخَنَازِيرَ".

كتاب إغاثة اللهفان،ج:1،ص:260إلى262.

Loading...