الصَّلاة في الثّوب الذي عليه صورة:

الصَّلاة في الثّوب الذي عليه صورة:

اللفظ / العبارة' الصَّلاة في الثّوب الذي عليه صورة:
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي مكروه
القسم المناهي العملية
Content

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قام رسول الله يصلّي في خميصةٍ، ذات أعلام، فلما قضى صلاته قال:اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة، وأتوني بأنْبِجَانيّة، فإنها ألهتني آنفاً في صلاتي (١) .

والأنبجانيّة التي طلبها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، هي كساء غليظ، لاعلم فيه، بخلاف الخميصة التي

ردّها فهي ذات أعلام، ولعل كلمة أعلام أبلغ من الصّور.

قال الطيبي: ((في حديث الأنبجانيّة: إيذان بأن للصّور والأشياء الظاهرة تأثيراً في القلوب الطّاهرة، والنّفوس الزّكيّة، فضلاً عمّا دونها)(٢) .

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان قِرام لعائشة، سترت به جانبَ بيتها، فقال لها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ((أميطي عنّي، فإنه لا تزال تصاويرُه تَعْرِضُ لي في صلاتي)(٣) .

واستشكل هذا بحديث عائشة الذي فيه: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل البيت


(١) أخرجه: البخاري: كتاب الصّلاة: باب إذا صلّى في ثوب له أعلام: (١/٤٨٢-٤٨٣) رقم (٣٧٣) . ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصّلاة: باب كراهة الصّلاة في ثوبٍ له أعلام: (١/٣٩١) رقم (٥٥٦) .. والنسائي: كتاب الصّلاة: باب الرّخصة في الصّلاة في خميصةٍ لها أعلام: (٢/٧٢) وابن ماجة: كتاب اللباس: باب لباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (٢/١١٧٦) رقم (٣٥٥٠) .
وأبو عوانة: المسند: (٢/٢٤) ، ومالك: الموطأ: (١/٩١ ـ مع تنوير الحوالك) ، والبيهقي: السنن الكبرى: (٢/٤٢٣) .
(٢) انظر: ((عمدة القاري)) : (٤/٩٤) و ((فتح الباري)) : (١/٤٨٣) .
(٣) أخرجه: البخاري: كتاب الصّلاة: باب إنْ صلّى في ثوب مصلَّب أوتصاوير هل تفسد صلاته؟ (١/٤٨٤) رقم (٣٧٤) وكتاب اللباس: باب كراهية الصّلاة في التصاوير: (١٠/٣٩١) رقم (٥٩٥٩) .الذي فيه السّتر المصوّر (١) ، وأُجب باحتمال أن تكون التصاوير في حديث عائشة ذات أرواح، وهذا الحديث من غيرها (٢) ، وحديث أنس يدلّ بدلالة الأولى على كراهة الصّلاة في الثوب الذي عليه صورة.

ووجه الدلالة: ما قاله القسطلاني: ((وإذا كانت الصّور تلهي المصلّي، وهي مقابلة، فأولى إذا كان لابسها)(٣) ، وعلّق العيني على تبويب البخاري: ((كراهية الصّلاة في التصاوير)) فقال: ((أي: هذا باب في بيان كراهية الصّلاة في البيت الذي فيه الثياب، التي فيها التصاوير، فإذا كرهت في مثل هذا، فكراهتها وهو لابسها أقوى وأشدّ)(٤) .

وبوّب البخاري على حديث أنس السابق: ((باب إنْ صلَّى في ثوبٍ مُصَلَّبٍ أو تصاويرَ هل تَفْسُدُ صلاتُه؟ وما ينهى عن ذلك)(٥) .

وأفاد ابن حجر والعيني أن معنى قول البخاري ((هل تَفْسُدُ صلاتُه؟)) بأنه استفهام على سبيل الاستفسار، جرى البخاريّ في ذلك على عادته، في ترك القطع في الشيء الذي فيه اختلاف، لأن العلماء اختلفوا في النّهي الوارد في الشيء، فإن كان لمعنى في نفسه، فهو يقتضي الفساد فيه، وإن كان لمعنى في


(١) انظره في: ((صحيح مسلم)) : (٣/١٦٦٩) رقم (٩٦) .
(٢) انظر: ((إرشاد السّاري)) : (٨/٤٨٤) و ((عمدة القاري)) : (٢٢/٧٤) و ((فتح الباري)) : (١٠/٣٩١) .
(٣) إرشاد الساري: (٨/٤٨٤) .
(٤) عمدة القاري: (٤/٧٤) .
(٥) صحيح البخاري: (١/٤٨٤ ـ مع الفتح) .

 غيره، فهو يقتضي الكراهة أو الفساد، فيه

خلاف (١) .

ويستفاد مما سبق: أن خلافاً وقع في صلاة مَنْ على ثوبه صورٌ. لم يجزم البخاري ببطلانها، واستفسر بـ ((هل)) عليه، وهذا يدلّ على أنّ قولاً أو وجهاً فبه يقتضي بذلك، ومذهب جمهور الفقهاء الكراهة (٢)

كتاب القول المبين في أخطاء المصلين : ص 48إلى 50.

Loading...